لأن معنى «أفإن مات»: استفهام, ومعنى «انقلبتم»: أفتقلبون والاستفهامان إذا جاءا في قصة واحدة اجتزئ بأحدهما عن الآخر, وهذا الاستفهام إنما هو في معنى التقرير بأن لا تنقلبوا على أعقابكم.

فقال له: فهل تجد في كتاب الله عز وجل نظيرًا يكون لهذا دليلاً؟

فقال له: نعم. قول الله عز وجل: {أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:34] , أي: إنك إن مت فهم لا يخلدون, فلما التقى استفهامان أجزأ ذكر أحدهما عن الآخر, فكان لفظ الاستفهام من ذلك مرادًا به التقرير: «بأنهم لا يخلدون» (?).

وهكذا كان أبو عثمان سعد الحداد في دفاعه ومناظرته لأجل نصر عقائد أهل السنة والجماعة.

ولما توفى رثاه الشعراء فقال فيه سهل بن إبراهيم الوراق:

وقالوا قضى نحبًا وذاق منية ... فيالك من خطب يحل عُرى الصبر

وكم مارق عادى سعيدًا وسبه ... وضاق به ذرعًا وبدأه بالهجر

يود بقلب ذاب همًا وغصة ... لو أن أبا عثمان في ظُلم القبر

وأن امرأً منكم تمنى وفاته ... وليس له عذر ففي واسع العذر

فليت الذي أمسى شجي في حلوقهم ... يمد له حبل الحياة إلى الحشر

أليس لسان المسلمين وسيفهم ... إذا كادهم أهل الضلال والكفر

أليس هلال الأرض بل شمس دجنها دجنها ... وبدر دجاها حين أمسيت بلا بدر

يجيب وما غاصت دقائق فكره ... جوابًا عتيدًا في أدق من السحر (?)

هذه بعض الأساليب والطرق والمناظرات التي قام بها علماء أهل السنة في الذود والدفاع عن عقائد المسلمين, فعليهم من الله الرحمة والرضوان على ما أبلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015