أبو محمد بن أبي زيد, وأبو محمد بن التبان وغيرهما, يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد, شيخ السنة بالقيروان في خفية, ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفًا من بني عبيد» (?).
وهذا المسلك لا زالت الدول القمعية في العالم الإسلامي تمارسه على شعوبها فبعضها تمنع هذا الأمر كليًا, وبعضها تسمح ببعض أمور الدين التي لا تصطدم مع مصالح الدول الكبرى.
9 - أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه, وربما ولوه بعض المناصب, ومن رفض قُتل, كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان, وقعت بين الدولة العبيدية وأهل القيروان مقتلة عظيمة, فأمر الشيعي بالكف عن العوام, وافتعل مناظرات صورية, فدارت على علماء السنة محن عظيمة, وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ودفاعهم المستميت عن السنة, قال القابسي: «إن الذين ماتوا في دار البحر -سجن العبيديين- بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب, ما بين عالم وعابد ورجل صالح» (?) , هذا عدا من كانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان, فأثر ذلك على سير الحياة العلمية, وقد خمل ذكر كثير من العلماء
الذي آثروا اعتزال الفتنة, مثل أبي محمد الورداني (?) , ومع ذلك فإن هذه المحنة لم
تزد أهل الشمال الإفريقي إلا عزيمة وصبرًا واحتسابًا وتمسكًا بأصول أهل
السنة والجماعة (?).
10 - عطلوا الشرائع, وأسقطوا الفرائض عمن تبع دعوتهم حيث يتم إدخالهم إلى داموس ويدخل عليهم عبيد الله لابسًا فروًا مقلوبًا, دابًا على يديه ورجليه, فيقول لهم: «بَحْ» ثم يخرجهم ويفسر لهم هذا العمل بقوله: «فأما دخولي على يدي