ج- الملامح الرئيسية في شخصية صلاح الدين:

أولاً: تقريبه للعلماء وحبهم واحترامهم واستشارتهم وإعطاؤهم المكانة اللائقة بهم, وإحياء المدارس والعلم, وحضور السلطان مجالس العلم, بل إن السلطان صلاح الدين يذهب إلى الإسكندرية مصطحبًا معه ولديه علي وعثمان لحضور مجلس الحافظ السلفي, وترقى العالم كمال الدين الشهرزوري إلى مرتبة الوزارة, ومن مستشاري صلاح الدين العالم الواعظ ابن نجا الحنبلي, ووزيره القاضي الفاضل من أكابر الكتاب محبًا للعلم وأهله, ومنهم نجم الدين الخبوشاني, والفقيه الشافعي, وهو الذي شجع صلاح الدين على إنهاء الدولة العبيدية وقطع الخطبة لهم, بنى له صلاح الدين مدرسة وفوض تدريسها إليه, ومن الفقهاء الأمراء الفقيه الهكاري: «وكان جنديًا شجاعًا كريمًا, تفقه على الشيخ أبي القاسم البرزي واتصل بالأمير أسد الدين شيركوه, وكان يخاطب صلاح الدين بما لا يقدر عليه غيره, توفي وصلاح الدين محاصر لعكا» (?).

وكان إذا زاره عالم اهتم به جدًا, ولا يتركه حتى يزوده بالمال والأمتعة له ولجيرانه وأقربائه.

إن هذه الانتصارات العظيمة لا تكون إلا بوجود مثل هذا التلاحم والتعاطف بين الأمراء والعلماء, وقال القاضي ابن شداد: «وكان يجلس للعدل في كل يوم اثنين وخميس في مجلس عام يحضره الفقهاء والقضاة, وكان يفعل ذلك سفرًا وحضرًا» (?). وكان آل المقدسي الذين سكنوا حي الصالحية في دمشق أبو عمر محمد ابن أحمد بن قدامة وأخوه وابن خالهم الحافظ عبد الغني والشيخ العماد, كانوا لا ينقطعون عن غزاة يخرج صلاح الدين فيها, وقد حضروا معه فتح القدس والسواحل وغيرها» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015