صاحب ديوان الإنشاء الصلاحي, ولد سنة 529هـ (?).

قال عنه العماد الأصبهاني: «قضى سعيدًا, ولم يُبق عملاً صالحًا إلا قدَّمه, ولا عهدًا في الجنة إلا أحكمه, ولا عقد بر إلا أبرمه, فإن صنائعه في الرقاب, وأوقافه متجاوزة الحساب, لاسيما أوقافه لفكاك الأسرى, وأعان المالكية والشافعية بالمدرسة, والأيتام بالكتاب, كان للحقوق قاضيًا, وفي الحقائق ماضيًا, والسلطان له مطيع, وما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه, ومقاليد غناه وغنائه, وكنت من حسناته محسوبًا, وإلى آلائه منسوبًا, وكانت كتائبه كتائب النصر, وبراعته رائعة الدهر, ويراعته بارية للبر, وعبارته نافثة في عقد السحر, وبلاغته للدولة مجملة, وللمملكة مكملة, وللعصر الصلاحي على سائر الأعصار مفضلة, نسخ أساليب القدماء بما أقدمه من الأساليب وأعربه من الإبداع, ما ألفيته كرر دعاء في مكاتبة, ولا ردد لفظًا في مخاطبة إلى أن قال: فإلى من بعده الوفادة؟ وممن الإفادة؟ وفيمن السيادة؟ ولمن السعادة؟ (?).

ومدحته الشعراء على حسن تدبيره وآرائه النافذة, وقدرته على حل المعضلات التي تتعرض لها دولة صلاح الدين, واجتهاده في الصيام والقيام وحبه للعلم, وتواضعه وحلمه وجوه وكرمه وإنفاقه وجهاده, فقال فيه هبة الله بن سناء الملك:

وأتت سعادته إلى أبوابه ... لا كالذي يسعى إلى أبوابها

فلتفتخر الدنيا بسائس ملكها ... منه ودارس علمها وكتابها

صوامها قوامها علامها ... عمالها بذالها وهَّابها (?)

ركن إليه السلطان صلاح الدين ركونًا تامًا, وتقدم عنده كثيرًا.

وكان -رحمه الله- ذا غرام بالكتابة وبالكتب أيضًا, اشتهر بالدين والعفاف, والتقى, والمواظبة على أوراد الليل والصيام والتلاوة, فلما تملك أسد الدين مصر, أحضره فأعجب به, ثم استخلصه صلاح الدين لنفسه, وكان قليل اللذات, كثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015