المبحث الثالث
صلاح الدين الأيوبي محرر القدس
ومزيل دولة العبيديين من مصر
ولد السلطان يوسف بن أيوب سنة 532هـ بقلعة تكريت في العراق, وكان والده أيوب بن شادي واليًا عليها, ثم انتقل الوالد إلى الموصل ومعه أخوه أسد الدين شيركوه, وتربى الشبل الأيوبي في كنف والده وعمه المجاهدين, وبدأ يترقى في كتائب المجاهدين, وانتدب لمرافقة عمه أسد الدين عندما أرسل نور الدين محمود إلى مصر, وتسلم منصب وزارة التفويض بعد وفاة عمه في نهاية الدولة العبيدية, وبدأ في إرجاع مصر للخلافة السنية العباسية متدرجًا في تنفيذ هدفه النبيل, والذي اشتاقت إليه نفوس المسلمين, فعزل قضاة مصر الروافض العبيديين, وأسند أمر القضاء إلى عبد الملك بن درباس الشافعي, وقطع الأذان بـ «حي على خير العمل» وأقام الخطبة للخليفة العباسي بعد أن انقطعت الخطبة للعباسيين بمصر 208 سنوات, وبشر نور الدين محمود الخليفة العباسي بذلك, وفرح الناس, وقضى صلاح الدين على كل المحاولات الفاشلة لإرجاع مصر للخلافة العبيدية, وأحسن إلى الرعايا إحسانًا كثيرًا.
وقال العماد الأصبهاني في رجوع مصر للخلافة العباسية أبياتًا شعرية رائعة بعد وفاة العاضد العبيدي وزوال ملكه ودولته من مصر:
توفى العاضد الدعي مما ... يفتح ذو بدعة بمصر فما
وعصر فرعونها انقضى وغدا ... يوسفها في الأمور محتكما
قد طفئت جمرة الغواة وقد ... داخ من الشرك كل ما اضطرما
وصل شمل الصلاح ملتئمًا ... بها وعقد السداد منتظمًا
لما غدا مشعرًا شعار بني ... العباس حقًا والباطل اكتتما