131. إن من سنن الله تعالى المستخرجة من حقائق التاريخ أنه إذا عُصي الله تعالى ممن يعرفونه سلط الله عليهم من لايعرفونه ولذلك سلط النصارى على المسلمين، وغاب النصر عن الأمة وحرمت من التمكين، وأصبحت في فزع وخوف وتوالت عليها المصائب، وضاعت الديار، وتسلط الكفار.

132. لقد أصيبت الأمة بانحراف شديد في مفاهيم دينها، كعقيدة الولاء والبراء، ومفهوم العبادة، وانتشرت مظاهر الشرك والبدع والخرافات.

133. إن من أعظم الإنحرافات التي وقعت في تاريخ الأمة الإسلامية ظهور الصوفية المنحرفة كقوة منظمة في المجتمع الإسلامي تحمل عقائداً وأفكاراً وعبادات بعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد قوى عود الصوفية المنحرفة واشتدت شوكتها في أواخر العصر العثماني.

134. كانت الفرق المنحرفة قد استفحل أمرها، خصوصاً مع مجيء الاستعمار الصليبي الذي طوق الأمة الإسلامية، فكانوا على عادتهم دائماً مع أعداء المسلمين عوناً لهم وجنداً مخلصين لقيادتهم ومن أشهر هذه الفرق، الشيعة الاثنى عشرية، والدروز والنصيرية، والإسماعيلية، والقاديانية والبهائية وغيرها من الفرق الضالة المحسوبة على الإسلام.

135. أصبح كثير من العلماء ألعوبة بيد الحكام الجائرين، وتسابقوا للحصول على الوظائف والمراتب وغاب دورهم المطلوب منهم، وكان من الطبيعي أن تصاب العلوم الدينية في نهاية الدولة العثمانية بالجمود والتحجر، واهتم العلماء بالمختصرات، والشروح والحواشي والتقريرات وتباعدوا عن روح الإسلام الحقيقية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ورفض كثير من العلماء فتح باب الاجتهاد، وأصبحت الدعوة لفتح بابه تهمة كبيرة تصل إلى الرمي بالكبائر، وتصل عند بعض المقلدين والجامدين إلى حد الكفر.

136. انتشر الظلم في الدولة العثمانية، والظلم كالمرض في الإنسان يعجل بموته بعد أن يقضى المدة المقدرة له وهو مريض، وبانتهاء هذه المدة يحين أجل موته، فكذلك الظلم في الأمة والدولة يعجل في هلاكها بما يحدثه فيها من آثار مدمرة تؤدي إلى هلاكها واضمحلالها خلال مدة معينة يعلمها الله هي الأجل المقدر لها ولذلك زالت الدولة العثمانية من الوجود، وكذلك مما يعجل بزوال الدول انغماسها في الشهوات والترف وشدة الاختلاف والتفرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015