تاسعاً: الترف والانغماس في الشهوات:
قال تعالى: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين} (سورة هود: آية 116). وقوله تعالى: {واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه}. أراد بالذين ظلموا: تاركي النهي عن المنكرات، أي لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنما اهتموا بالتنعم والترف والانغماس في الشهوات والتطلع الى الزعامة والحفاظ عليها والسعي لها وطلب أسباب العيش الهنيء (?).
وقد مضت سنة الله في المترفين الذين ابطرتهم النعمة وابتعدوا عن شرع الله تعالى بالهلاك والعذاب.
قال تعالى: {وكم قصمنا من قرية كان ظلمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين - فلما أحسوا بأسنا إذا هم يركضون - لاتركضوا وارجعوا الى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون}.
ومن سنة الله تعالى جعل هلاك الأمة بفسق مترفيها، قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} (سورة الاسراء: آية 16).
وجاء في تفسيرها: (وإذا دنا وقت هلاكها أمرنا بالطاعة مترفيها أي متنعميها وجبّاريها وملوكها ففسقوا فيها، فحق عليها القول فأهلكناها. وإنما خص الله تعالى المترفين بالذكر مع توجه الأمر بالطاعة الى الجميع؛ لأنهم أئمة الفسق ورؤساء الضلال، وماوقع من سوءهم إنما وقع بأتباعهم وإغوائهم، فكان توجه الأمر إليهم آكد) (?).
وحدث في زمن السلطان محمد بن إبراهيم: (زينت دار الخلافة ثلاثة أيام وكان السلطان محمد إذ ذاك ببلدة سلستره بروم ايلي فكتب الى قائم مقام الوزير بالقسطنطينية