حتى ينضاف إليه الفساد كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان وقوم لوط باللواط (?).
قال ابن تيمية في هلاك الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة: (وأمور الناس إنما تستقيم مع العدل الذي يكون فيه الاشتراك في بعض أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق، وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولاتدوم مع الظلم والاسلام. وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت، وإن لم تقم بالعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان مايجزي به في الآخرة) (?).
لقد قام بعض الباشوات بأفعال قبيحة وسفكوا الدماء واغتصبوا الأموال؛ فهذا إبراهيم باشا المعروف بدالي أحد وزراء السلطان مراد الثالث وكان أمير الأمراء في ديار بكر بأسرها؛ ففتك فيها وظلم أهلها وأظهر من أنواع الظلم اشياء مستكرهة جداً، منها الاعتداء على الأعراض، ونهب الأموال، وفعل الأفاعيل العظيمة ولما وصل الأمر للسلطان وعقد مجلس القضاء وهاب الناس أن يشهد عليه ولم يستطع القاضي أن يدقق في الدعوة لأن أخته كانت عند السلطان مراد مقبولة جداً، وانصرف خصماؤه، وقرره السلطان في ديار بكر فذهب إليها ناوياً على إهلاك كل من اشتكى عليه، وأهلك منهم خلقاً تحت العذاب ووصل الأمر الى أن ثار عليه أهل البلد وقاموا عليه قومة رجل واحد فتحصن في القلعة وصار يقذف القذائف بالمدافع على أهل المدينة حتى قتل منهم خلقاً كثيراً (?).
وما قام به الباشا محمد علي من ظلم أهل مصر وأهل الشام، والحجاز معروف وقد ذكرناه في هذا الكتاب، وقد أشتد ظلم الاتراك للعرب، والاكراد، والألبان مع مجيء الاتحاد والترقي للحكم، بل قامت تلك العصابة بظلم الناس في داخل تركيا وخارجها وقد ذكرنا ما تعرض له السلطان عبد الحميد الثاني من ظلمهم، وعسفهم، وجورهم؛ فجرت فيهم سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير ولا تجامل، فانتقم من الظالمين وجعل بأسهم فيما بينهم وزالت دولة الخلافة العثمانية من الوجود.