مضروب لاستئصالهم (?). ولكن هلاك الأمم وإن كان شيئاً مؤكداً ولكن وقت حلوله مجهول لنا، أي أننا نعلم يقيناً أن الأمة الظالمة تهلك حتماً بسبب ظلمها حسب سنة الله تعالى في الظلم والظالمين، ولكننا لا نعرف وقت هلاكها بالضبط، فلا يمكن لأحد أن يحدد الأيام ولا بالسنين، وهو محدد عند الله تعالى (?).
إن سنّة الله مطردة في هلاك الأمم الظالمة، قال تعالى: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد - وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك ومازادهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} (سورة هود: الآيات 100 - 102).
إن الآية الكريمة تبين أن عذاب الله ليس مقتصر على من تقدم من الأمم الظالمة، بل إن سنته تعالى في أخذ كل الظالمين سنة واحدة فلا ينبغي أن يظن أحد أن هذا الهلاك قاصرٌ بأولئك الظلمة السابقين، لأن الله تعالى لما حكى أحوالهم قال: {كذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة}. فبين الله تعالى أن كل من شارك أولئك المتقدمين في أفعالهم التي أدت الى هلاكهم فلابد أن يشاركهم في ذلك الأخذ الأليم الشديد؛ فالآية تحذر من وخامة الظلم إن الدولة الكافرة قد تكون عادلة بمعنى أن حكامها لايظلمون الناس والناس أنفسهم لايتظالمون فيما بينهم، فهذه الدولة مع كفرها تبقى، إذ ليس من سنته تعالى إهلاك الدولة بكفرها فقط، ولكن إذا انضم الى كفرها ظلم حكامها للرعية وتظالم الناس فيما بينهم (?). قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} (سورة هود: آية 117).
قال الإمام الرازي في تفسيره: (إن المراد من الظلم في هذه الآية الشرك. والمعنى أن الله تعالى لا يهلك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين، إذا كانوا مصلحين في المعاملات فيما بينهم يعامل بعضهم بعضاً على الصلاح، وعدم الفساد) (?).
وفي تفسير القرطبي قوله تعالى: {بظلم} أي: بشرك وكفر {وأهلها مصلحون} أي: فيما بينهم في تعاطي الحقوق، ومعنى الآية: إن الله تعالى لم يكن ليهلكهم بالكفر وحده