لقد كانت لتلك العادة السيئة آثار وخيمة في انحدار مستوى التعليم، وضعف الحياة العلمية عند المسلمين، وذلك بتوارث تلك المناصب الدينية، وحكرها في أسر معينة وبالتالي أثرت تلك العادة في إيجاد علماء ربانيين متجردين لدين الله تعالى همهم احقاق العدل، ونصرة المظلوم، وإعزاز الدين.

سابعاً: رفض فتح باب الاجتهاد:

في أواخر الدولة العثمانية أصبحت الدعوى بفتح باب الاجتهاد تهمة كبيرة تصل الى الرمي بالكبائر، وتصل عند بعض المقلدين والجامدين الى حد الكفر، وكان من التهم التي وجهها خصوم الدعوة السلفية الى علمائها دعوى الاجتهاد، وكانت تهمة شديدة في ذلك الزمن مع أن أحد منهم لم يقل بذلك، وكانت الدعوة الى قفل باب الاجتهاد توارثها المتعصبون على مر العصور واصبح حرصهم في أواخر الدولة العثمانية ظاهراً ونافحوا من أجل عدم فتحه، ومقاومة كل من يحوم حوله مما شجع المتغربون بالسعي الدؤوب لاستيراد المبادئ والنظم من أوروبا ولقد ترتب على إغلاق باب الاجتهاد آثار خطيرة لاتزال أضرارها تنخر في حياة المسلمين الى يومنا هذا.

(فحين يتوقف الاجتهاد مع وجود دواعيه ومتطباته .. فماذا يحدث؟

يحدث أحد أمرين: إما أن تجمد الحياة وتتوقف عن النمو، لأنها محكومة بقوالب لم تعد تلائمها. وإما أن تخرج على القوالب المصبوبة، وتخرج في ذات الوقت من ظل الشريعة، لأن هذا الظلم لم يمد بالاجتهاد حتى يعطيها.

وقد حدث الأمران معاً، الواحد تلوا الآخر .. الجمود أولاً ثم الخروج بعد ذلك من دائرة الشريعة) (?).

لقد عانت الأمة من قفل باب الاجتهاد وكانت الدولة العثمانية في أواخر عهدها لم تعطي هذا الباب حقه وكانت عجلة الحياة أسرع وأقوى من الجامدين والمقلدين الذين ردوا كل جديد، وخرج الأمر من أيديهم: (وهكذا توقفت الحركة العقلية عند المسلمين إزاء كل جديد تلده الحياة، والحياة ولود لا تتوقف عن الولادة أبداً، فهي تلد كل يوم جديداً لم تكن تعرفه الإنسانية من قبل ... وكان من هذا أن مضى الناس -من غير المسلمين- يواجهون كل جديد، ويتعاملون معه، ويستولدون منه جديداً .. وهكذا سار الناس -من غير المسلمين-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015