المفيدة، ولكنها لاتكاد تذكر، وكانت مناهج التعليم في تلك الفترة بعيدة كل البعد عن منهج أهل السنة والجماعة وكانت المعاهد الاسلامية كلها تقريباً بعيدة عن ذلك المنهج الاسلامي الأصيل.

فالأزهر مثلاً وهو المعهد الاسلامي الكبير والجامعة العتيقة كان مركزاً لعلوم المتكلمين البعيدة عن روح الاسلام ومبادئه يقول أحد الدارسين في الأزهر عن علم الكلام:

(ومن العلوم التي لم أنتفع بدراستها في الأزهر على الإطلاق علم الكلام، فقد درسته بالأزهر عدة سنوات، ولكني لم أعرف منه شيئاً عن الله ذا بال، وإنما انغمست في اصطلاحات زادت تفكيري غموضاً واضطراباً حتى تمنيت إيمان العوام ... ) (?).

لقد أصاب المناهج الاسلامية في تلك الفترة بالاضافة الى الجمود موجة من الجفاف حيث: (أن العصور المتأخرة بعدت بعداً كبيراً عن روح الاسلام واهتمت بالجسم والمادة حتى أصبحت الدراسات الاسلامية دراسة لا حياة فيها ولا روح، وجرت عدوى هذه الدراسات الى جميع أبواب الفقه حتى الأبواب التي كانت يجب أن تكون دراسة الروح أهم عنصر فيها ... ) (?).

3 - الإجازات:

من عوامل تدهور الحياة العلمية في تلك الفترة التساهل في منح الإجازات؛ فكانت تعطى في العصر المتأخر للدولة العثمانية جزافاً، إذ كان يكفي أن يقرأ الطالب أوائل كتاب أو كتابين مما يدرسه الأستاذ حتى ينال إجازة بجميع مروياته، وكثير ما أعطيت لمن طلبوها من أهل البلاد القاصية عن طريق المراسلة. فكان العالم في القاهرة يبعث الى طالب في مكة بالإجازة دون أن يراه أو يختبره (?).

فكانت ذلك التساهل من الأمور التي شغلت المسلمين عن تحصيل العلوم كما كان ينبغي، وهكذا كان التساهل في منح الإجازات عاملاً مهماً من عوامل انحدار المستوى التعليمي، وضعف العلوم الشرعية، حيث أضحى الهدف عند كثير من المنتسبين الى العلم، حيازة أكبر عدد من هذه الإجازات الصورية التي لم يكن لها في كثير من الأحيان أي رصيد علمي في الواقع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015