إليهم ليشيروا عليها في أمورها الهامة، وتتجه إليهم إذا وقع عليهم ظلم من الحكام والولاة ليسعوا الى رفع الظلم عنهم، بتذكير أولئك الحكام والولاة بربهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ... وكان العلماء يضطهدون من قبل ذوي السلطان أحياناً، ويلقون في السجون أحياناً، ويؤذون في ابدانهم وأموالهم وكراماتهم أحياناً ولكنهم يصمدون لهذا كان، تقديراً لمسؤلياتهم أمام الله ....

وكما كان العلماء هم قادة الأمة ومرشديها في الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والروحية، وكانوا كذلك دعاتها الى الجهاد كلما حدث على الأمة عدوان .. يذكرونها بالله واليوم الآخر، وبالجنة التي تنتظر المجاهدين الصادقين، وكانوا يشاركون في الجهاد بأنفسهم، بل يقودون الجيوش بأنفسهم في بعض الأحيان.

تلك كانت مهمة علماء الدين، والدين حي في النفوس ... وفي التاريخ نماذج عديدة لعلماء أرضوا ربهم وأدوا أمانتهم وجاهدوا في الله حق جهاده، وصبروا على ماأصابهم في سبيل الله فما ضعفوا وما استكانوا .. فأين كان العلماء في تلك الفترة التي نحن بصددها من التاريخ؟

هل كانوا في مكان القيادة الذين عهدتهم الأمة فيه الى عهد ليس ببعيد ... ؟

هل كانوا حماة الأمة من العدوان؟ وحماتها من الظلم الواقع عليهم من ذوي السلطان؟

هل كانوا هم الذين يطالبون للأمة بحقوقها السياسية وحقوقها الاجتماعية وحقوقها الاقتصادية؟

هل كانوا هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقومون الى الامام الجائر فيأمرونه وينهونه، قتلهم أم لم يقتلهم؟

أم كان كثير منهم قد استعبدوا أنفسهم للسلطان، ومشوا في ركابه، يتملقونه ويباركون مظالمة فيمدونه في الغي، بينما البقية الصالحة منهم قد قبعت في بيوتها، أو أنزوت في الدرس والكتاب، تحسب أن مهمتها قد أنتهت إذا لقنت الناس العلم .. ومانريد أن نظلمهم فقد كان منهم -ولاشك- من صدع بكلمة الحق، ومنهم من ألقى بالمنصب تحت قدميه حين أحس أنه يستعبده لأولي السلطان أو يلجمه عن كلمة الحق .. ولكنهم قلة قليلة بين الكثرة الغالية التي راحت تلهث وراء المتاع الأراضي، أو تقبع داخل الدرس والكتاب، على مافيها من جوانب القصور .. ) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015