4 - حب الأتراك العثمانيين للدروشة والتصوف: " كان الأتراك يحبون التصوف ويميلون إلى تقديس أهل الإيمان بصدق ولايتهم " (?).

" لقد كانت الصوفية قد أخذت تنتشر في المجتمع العباسي، ولكنها كانت ركناً منعزلاً عن المجتمع، أما في ظل الدولة العثمانية، وفي تركيا بالذات، فقد صارت هي المجتمع وصارت هي الدين، وانتشرت - في القرنين الأخيرين بصفة خاصة - تلك القولة العجيبة: من لاشيخ له فيشخه الشيطان! وأصبحت

- بالنسبة للعامة بصورة عامة - هي مدخلهم إلى الدين وهي مجال ممارستهم للدين" (?).

وقد كان كثير من سلاطين آل عثمان يقومون برعاية الصوفية، ويفيضون عليها من عطفهم وحدبهم، حتى جاء السلطان عبد الحميد إلى السلطنة في ظروف عصيبة، والمؤامرات تحاك للأمة، والكوارث والمحن تحيط بها من كل مكان، ودعاة القومية يبثون دعوتهم في سائر البلاد، فدعا إلى الجامعة الإسلامية والرابطة الدينية، وكانت الصوفية بجميع أصنافها وطرقها تشكل ثقلاً في الدعوة إلى الجامعة الإسلامية.

لقد كان ذلك العصر، عصر الصوفية التي أطبقت على العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه ولم تبقى مدينة ولاقرية إلا دخلتها إلا إذا استثنينا نجد وملحقاتها (?).

لقد سيطرت الصوفية المنحرفة على العالم الإسلامي في تلك الفترة، ووقع جمهور من المسلمين في أسرها، وعظم سلطان المتصوفة في ذينك القرنين، وبلغ مبلغاً عظيماً، لو لم يكن من قوته ونفوذه إلا هيمنته على الجماهير الغفيرة في طول البلاد وعرضها لكفى، فكيف إذا تبنته الدولة وناصره الحكام (?).

وكانت نظرة المتصوفة المنحرفة تحترم البطالة وتبيح التسول، وتصطنع الضيق، وتسعى إلى مواطن الذل، وتغتبط بالهوان وكانت نظرتهم إلى الأخذ بالأسباب منحرفة جداً " فما أخيب التاجر الذي يصرف وقته في تجارته، والزارع الذي ينفق جهده في زراعته، والصانع الذي يبذل نشاطه في صناعته، وما أفشل من سافر منهم طلباً لكسب أو رغبة في مال، فإن الرزق في طلب صاحبه دائر، والمرزوق في طلب رزقه حائر، وبسكون أحدهما يتحرك الآخر .. ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015