إن عبد الحميد الثاني كان ضد الديمقراطية والحكم بالدستور الذي يعرف في المصطلح العثماني باسم "المشروطية" أي الاشتراط على الحاكم بتحديد سلطاته، على اعتبار أن هذا فكر وافد من الغرب ولذلك كان ضد المنادين به ورائدهم مدحت باشا وانتقد وزيره هذا بقوله: (لم ير غير فوائد الحكم المشروطي في أوروبا، لكنه لم يدرس أسباب هذه المشروطية ولا تأثيراتها الأخرى. أقراص السلفات لاتصلح لكل مرض ولكل بنية. وأظن أن أصول المشروطية لا تصلح لكل شعب ولكل بيئة قومية. كنت أظن أنها مفيدة أما الآن: فإني مقتنع بضررها" (?).

كان للسلطان حججه في هذا، منها سوء تصرف المنادين بالدستور في أول استجابة للسلطان لأفكارهم. من ذلك:

أن طلبت الحكومة من السلطان في وقت إعلان السلطان للدستور، أن يوقع على بعض قرارات منها تعيين ولاة نصارى في ولايات، أغلب السكان من المسلمين، وعلى قرار، بقبول طلبة من النصارى في الكلية الحربية العثمانية التي هي عماد الجيش العثماني، فرفض السلطان التوقيع فما كان من مدحت باشا -وهو الوزير- إلا أن قال للسلطان: (إن مقصدنا من إعلان الدستور أن ننهي استبداد القصر، ويجب على جلالتكم أن تعرف واجباتكم) (?).

ومن الأسباب التي يسوقها السلطان عبد الحميد في رفضه للفكر الدستوري قوله: (إن الدولة العثمانية دولة تجمع شعوباً شتى، والمشروطية في دولة كهذه موت العنصر الأصلي في البلاد، وهل في البرلمان الانكليزي نائب هندي واحد؟ وهل في البرلمان الفرنسي نائب جزائري واحد؟) (?).

ولم يغير السلطان عبد الحميد موقفه تجاه الحكم الدستوري، في دولته حتى بعدأن عزل عن العرش، وأخذ الناس يمارسون الحكم الدستوري، فيقول: (ماذا حدث عندما أعلنت المشروطية؟ هل قلت الديون؟ هل كثرت الطرق والموانئ والمدارس؟ هل أصبحت القوانين الآن أكثر تعقلاً ومنطقاً؟! وهل ساد الأمن الشخصي؟ هل الأهالي الآن أكثر رفاهية؟ هل تناقصت الوفيات وزاد المواليد؟ هل أصبح الرأي العام العالمي الآن بجانبنا أكثر من ذي قبل؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015