التصويت سرياً أو علنياً بحسب الظروف، وعلى أن يقر مجلس النواب الميزانية دون تدخل من جانب السلطان بعكس الحال فيما يتعلق بالقوانين العادية.
وأما بالنسبة لحقوق الأفراد فقد أعلن الدستور أن العثمنة هي السياسة الرسمية للدولة في إطار مبدأ المساواة الذي نصت عليه التنظيمات فقد خلع الدستور صفة العثمانية على كل رعايا الدولة ايا كان دينهم، ونص على تمتعهم بالحرية الشخصية، وعلى تساوي كل العثمانيين أمام القانون وعلى منحهم نفس الحقوق مع إلزامهم بنفس الواجبات. ونص الدستور كذلك على استقلال القضاء وأبقى على المحاكم الشرعية على أن يلجأ غير المسلمين لمحاكم الملل في المسائل المتعلقة بشؤونهم الدينية (?).
وقد أمر السلطان عبد الحميد بأن يوضع الدستور موضع التنفيذ، وبأن تجرى انتخابات عامة، كانت الاولى من نوعها في التاريخ العثماني، وقد أسفرت تلك الانتخابات على تميثل المسلمين بـ (71) مقعداً والنصارى بـ (44) مقعداً واليهود بـ (4) مقاعد واجتمع أول برلمان عثماني في 29 مارس عام 1877م (1294هـ) وكان مجلس الأعيان والشيوخ يتكون من 26 عضواً بالتعيين من بينهم 21 مسلماً، في حين كان مجلس النواب يتكون من مائة وعشرين عضواً. وقد قام بعض نواب العرب بدور هام خلال المناقشات، غير أن مجلس المبعوثان كانت مدته قصيرة؛ فقبل أن يتم المجلس دورة انعقاده الثانية، طلب النواب في 13 فبراير عام 1878م (1296هـ) أن يمثل ثلاثة من الوزراء أمام المجلس للدفاع عن أنفسهم من الاتهامات الموجهة إليهم، فما كان من السلطان عبد الحميد إلا أن عطل المجلس وأمر بعودة النواب الى بلادهم، وقام بنفي وإبعاد البارزين منهم (?).
وبذلك بلغت مدة انعقاد المجلس خلال دورته الأولى والثانية عشرة شهور وخمسة وعشرين يوماً ولم يدع هذا المجلس للاجتماع ثانية لمدة ثلاثين عاماً، لم تفتح خلالها قاعة المجلس ولا مرة واحدة (?).
لقد كان السلطان عبد الحميد مضطراً في إعلان الدستور بسبب الضغوط التي مارسها عليه الماسون بقيادة مدحت باشا ولذلك عندما اتحيت له الفرصة قام بتعطيل المجلس.