الدواء النافع يصبح سماً زعافاً إذا كان في يد غير الأطباء. أو في أيدي من لا يعرفون أصول استعماله، وإني لجد آسف فالأحداث قد أظهرت صدق كلامي) (?).

ويبين السلطان عبد الحميد بأن موقفه ليس دائماً تجاه الحكم الدستوري، فالظروف التي كان يحكم فيها، إذا أختلفت، فستختلف وجهة نظره في الحكم الدستوري.

وفي هذا يقول: (ينبغي ألا يظن أن فكري واقتناعي دائماً ضد الحكم الذي يعتمد على أصول المشروطية) (?).

إن السلطان عبد الحميد مر عصره بظروف عصيبة، وازمات شديدة، وتآمر عالمي على الدولة العثمانية من الداخل والخارج فشرع في إصلاح الدولة وفق التعاليم الاسلامية لمنع التدخل الأوروبي في شؤون الدولة وحرص على تطبيق الشريعة الاسلامية وقام بإبعاد الكتّاب والصحفيين عن العاصمة وقاوم كافة الاتجاهات الغربية المخالفة للحضارة الاسلامية المجيدة في ولايات الدولة واستطاع أن يشكل جهاز استخباراتي قوي لحماية الدولة من الداخل وجمع معلومات عن أعدائه في الخارج واهتم بفكرة الجامعة الاسلامية وحقق بها نتائج عظيمة واهتز الأوروبيون من هذا التفكير الاستراتيجي العميق وعملوا على تفتيتها.

لقد تكلم السلطان عبد الحميد عن جهاز مخابراته وبين الغرض منه فقال: (حسب العرف العثماني، يتعرف السلطان على تفكير الرعية وشكواها عن طريق جهاز الحكم، ومن ولاته وقضاته من جانب، وعن طريق التكايا المنتشرة في ربوع البلاد بمشايخها ودراويشها من جانب آخر، فيجمع كل هذه الأخبار ويدير البناء عليها.

جدّي السلطان محمود الثاني وسع دائرة مخابراته بإضافة الدراويش الرحل إليها. كان ذلك عندما ارتقيت العرش، وعلى ذلك استمر.

علمت ذات يوم من موسوروس باشا، سفيرنا في لندن، أن الصدر الأعظم السابق، السَرْ عسكر حسين عوني باشا، تسلم نقوداً من الانكليز. إذا كان الصدر الاعظم وهو يحكم البلاد باسم السلطان يخون دولته، فإن مخابراته لابد أن تبلغ القصر على أنه يؤدي عمله على الوجه الأكمل، لذلك تكدرت وتأثرت في أثناء تلك الايام قابلني محمود باشا، وأدلى إلي ببعض معلومات عن بعض أعضاء "تركيا الفتاة"، وكانت الاخبار التي قدمها لي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015