- إذا بقيتم على هذا الحال، فليس أكثر من أسبوع (?)!
لقد كان مدحت باشا في مجالس الخمر الخاص به يفشي أدق اسرار الدولة وكانت هذه الأسرار تنتشر في اليوم التالي بين أهالي استانبول. وفي إحدى الليالي تحدث مدحت باشا عن عزمه على إعلان الجمهورية في الدولة العثمانية وأنه سيصبح رئيساً للجمهورية العثمانية الجديدة ثم إمبراطوراً لها. تماماً مثلما حدث مع نابليون الثالث بفرنسا) (?).
وكان مدحت باشا متهماً بقتل السلطان عبد العزيز وشكل السلطان عبد الحميد لجنة للتحقيق في ذلك ثم قدم المتهمون الى المحكمة التي أدانتهم وحكم على مدحت باشا بالإعدام وتدخل السلطان عبد الحميد وخفض الحكم الى السجن ثم نفي الى الحجاز حيث مقر السجن العسكري هناك.
كان الدستور ينص على فصل السلطات من حيث الشكل لا المضمون، كما أن التغييرات التي طرأت على نظام الحكم طبقاً له كانت من قبيل التطور، فلم يفكر أحد في تقليص حق السلطان في السيادة، كما نص الدستور على أن شخص السلطان مصون لا تمس، وأنه لايسأل أمام أحد عن أعماله، ومن ثم كان الدستور مرتهناً بشخصه (?). فله وحده حق تعيين وإقالة الوزراء، كما أنه هو الذي يعقد المعاهدات ويعلن الحرب ومعاهدات الصلح، وهو القائد العام للقوات المسلحة ومن حقه كذلك إصدار كافة القوانين في شتى المجالات دون الرجوع الى البرلمان. وهكذا ظل السلطان عبد الحميد الثاني
(1293 - 1327هـ/1876 - 1909م) يتمتع بالسلطة التي سبق لأسلافه أن تمتعوا بها، بحيث إن مدحت باشا ذاته كان أول الضحايا. كما أن الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور للسلطان حدت من سلطة رئيس الوزراء بحيث لم يتيح له أن يلعب سوى دور ثانوي في تسيير دفة الحكم (?).
ونص الدستور على حرية اعضاء البرلمان في إبداء آرائهم وفي التصويت، وكان لايمكن محاكمتهم إلا إذا تجاوزوا حدود قوانين المجلس، وحدد الدستور اللغة التركية العثمانية بإعتبارها اللغة الرسمية للدولة التي يجري بها الحديث في كل الجلسات، كما نص أن يكون