3 ـ تحديد طريقة التأديب والتعليم: لم يقف عمر بن عبد العزيز عند اختيار معلم أولاده، وتحديد مواد المنهج التعليمي، بل امتد الأمر إلى رسم الطريقة التي ينبغي لمؤدب أولاده إتباعها، وكيفية التنفيذ ودقة الأداء وإتقان العمل، ففي سياق رسالته رحمه الله. طلب إلي سهل أن يلتزم الجد في قوله لهم، فذلك أمعن لإقدامهم وأحرز لانتباههم، وطلب إليه كمؤدب لهم أن يترك صحبتهم، فإن عادتها تكسب الغفلة، ولتبقى مكانته عندهم، فليس للمعلم أن يتخذ من تلاميذه أصدقاء وأصحاب له يودعهم أسراره، ويشاركهم وقته وحياته، فقد لا تعجبهم مواقفه، فيكون ذلك، أدعى للاستهانة به، وعدم الاستجابة لما يطلب منهم (?) وربما يؤدي ذلك إلى عدم الإكتراث بالمعلم، والغفلة عما يقوله من العلم، كما طلب عمر إلى مؤدب أولاده أن يكون في أدبه لهم ما يصرفهم عن الملاهي وحضور المعازف وسماع الغناء، لما لها من الأثر السيء في حياة المسلم ويلاحظ أن عمر لا يصدر أمراً، أو يحدد طريقة أو أسلوباً حتى يوضح ما دفعه لذلك، وما فائدته وجدواه (?).
ومما اشتمل عليه المنهج الذي حدده عمر بن عبد العزيز في رسالته لمؤدب أولاده ما يسمى بإدارة الوقت، إذ حدد برنامجاً يومياً يبدأ الأولاد ومؤدبهم في تنفيذه من الصباح الباكر بجزء من القرآن الكريم، فكان البدء بالقرآن في الفترة الصباحية، ولما فيها من صفاء ذهن التلميذ، بعد أخذ قسطاً من الراحة في ليلته، فجعل أولوية القرآن الكريم في وقت صفاء الذهن والاستعداد الجيد للمتعلم كما ربط الانتقال إلى المادة الأخرى من البرنامج اليومي بالتثبت والإتقان ثم جاء توقيت الخروج بين الأغراض وممارسة متطلبات الرماية، ويكون الخروج للرمي بعد العلم، وهم في شوق إليه، فيتحقق لهم بذلك أعلى درجات الكفاءة والإتقان، ويأتي في ختام البرنامج اليومي فترة القيلولة، تلك الفترة الضرورية لراحة البدن والنفس والعقل (?).
5 ـ مراعاة المؤثرات التعليمية: راعى عمر بن عبد العزيز كل ما له ارتباط بالعلم، ومال له تأثير على الفهم وحسن التلقي، وما يزيد من إدراك العقل من قريب أو بعيد، فكان أول أمر اهتم به وبتأثيره على علم أولاده وأخلاقهم وأدبهم هو: معلمهم وجدوى علمه، واقتداؤهم بأدبه وخلقه، والأمر الثاني: