الموادعة واستشارة أهل العلم بقوله: كان سليمان لين الجانب .. لا يعجل إلى سفك الدماء ولا يستنكف عن مشورة النصحاء (?)، ووصفه ابن كثير بقوله: يرجع إلى دين وخير ومحبة للحق وأهله، وإتباع القرآن والسنة وإظهار الشرائع الإسلامية رحمه الله (?)، ووصفه لسان الدين الخطيب بقوله: وكان قائماً برسوم الشريعة (?). وأما ابن قتيبة فيقول: افتتح بخير وختم بخير لأنه رد المظالم إلى أهلها، ورد المسيرين وأخرج المسجونين الذين كانوا بالبصرة واستخلف عمر بن عبد العزيز وأغز أخاه الصائفة حتى بلغ القسطنطينية، فأقام بها حتى مات (?)، وأما أبي زرعة الدمشقي، فقد عد خلافة سليمان، وخلافة عمر بن عبد العزيز واحدة، حيث يقول: كانت خلافة سليمان بن عبد الملك كأنها خلافة عمر بن عبد العزيز، كان إذا أراد شيئاً قال له: ما تقول يا أبا حفص؟ قالا جميعاً (?)
راعى سليمان اختيارات عدة في اختيار ولاته على الأمصار ونظراً لحساسية هذا الموضوع، فقد أوضح جانباً من سياسته تلك في خطبته التي خطبها بعد استخلافه، حيث قال: قد عزلت كل امير كرهته رعيته ووليت أهل كل بلد، من أجمع عليه خيارهم واتفقت عليه كلمتهم (?).
ولعل من هذه الاعتبارات استشارة العلماء والنصحاء من ذوي الخبرة في كل أمور الأمصار، فقد أتخذ عمر بن عبد العزيز وزيراً ومستشاراً (?)، وقد صدر سليمان عن رأيه في عزل عمال الحجاج (?)، وممن كان يستشيرهم رجاء بن حيوة الكندي، فقد ولى سليمان محمد بن يزيد الأنصاري ـ ويقال القرشي ـ إفريقية بمشورته (?).
ومن هذه الاعتبارات في اختيار الولاة أيضاً اختيار الفقهاء، وأهل الصلاح والزهد، آملاً من ذلك استبدال الظلم بالعدل، وبالتالي تغيير نظرة المجتمع الإسلامي آنذاك إلى الخلافة