كانت هناك مراسلات بين الوليد وبين ملك الروم ولاسيما حينما هدم الوليد كنيسة دمشق، فكتب إليه ملك الروم: إنك هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها، فإن كان صواباً فقد أخطأت، وإن كان خطأ فما عذرك؟. فكتب إليه الوليد: ((وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)) (الأنبياء، الآيتان: 78 ـ 79). وحين قرر الوليد بن عبد الملك فتح القسطنطينية وأعد العدة لذلك أرسل قيصر الروم سفيراً يدعى دانيا حاكم مدينة سينوب إلى دمشق للتداول مع الخليفة حول إمكانية عقد هدنة بين الطرفين وزوده بتعليمات سرية ترمي إلى الوقوف على مدى استعدادات المسلمين لحصارالقسطنطينية، وعند رجوعه اطلعهم على استعداد العرب للحملة وحث الروم على اتخاذ التدابير الكفيلة لمواجهة الموقف (?)، وهذا يدل على أن الروم كانوا يتخذون من السفراء والوفد وسيلة لجمع المعلومات في الدولة الإسلامية واستعداداتهم إتجاه الروم والتجسس على الدولةالإسلامية مستغلين كونهم رسلاً بين الدولتين مستفيدين من طبيعة المهمة السلمية التي يقومون بها وكانت هناك مراسلات وتبادل هدايا بين الخليفة الوليد بن عبد الملك وبين ملوك الروم حين أراد بناء الجامع الأموي، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما أهداه الوليد إلى ملك الروم من كميات الفلفل قدرت قيمتها بعشرين ألف دينار (?)، وهناك روايات كثيرة تشير إلى التعامل السلمي وتبادل الخبرات كان موجود بين الوليد وقيصر الروم، فقد أراد الوليد الاستفادة من خبرات الروم في صناعة الفسيفساء والبناء والعمران (?)، وكانت هناك مراسلات متعلقة بالأسرى والرهائن بين الطرفين، فقد كانت من المسائل المهمة جداًَ وكانت المفاوضات بشأنها تجري أما في دمشق أو في القسطنطينية، وليس في مدن محلية صغيرة (?).
وفي سنة 96 هـ كان الوليد يريد الشخوص إلى أخيه سليمان لخلعه، وأراد البيعة لابنه من بعده، وذلك قبل مرضته التي مات فيها، فقد أراد من سليمان أن يبايع لابنه عبد العزيز فأبى سليمان، فأراده على أن يجعله من بعده فأبى، فعرض عليه أموالاً كثيرة فأبى، فكتب إلى عماله أن يبايعوا لعبد العزيز ـ ابنه ـ ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه أحد إلا الحجّاج وقتيبة