عروة بن الزبير بن العوام، ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، الإمام، عالم المدينة، المدني، الفقيه، أحد الفقهاء السبعة (?)، كان عروة يقرأ القرآن كل يوم في المصحف نظراً ويقوم به الليل فما تركه إلا ليلة قطعت رجله وقصة ذلك، أن عروة خرج إلى الوليد بن عبد الملك، حتى إذا كان بوادي القُرى، وجد في رجله شيئاً، فظهرت به قرحة، ثم ترقّى به الوجع، وقدم على الوليد وهو في محمل، فقال: يا أبا عبد الله أقطعها، قال: دونك. فدعا له الطبيب وقال: أشرب المُرْقد (?). فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق فما زاد أن يقول: حسِّ (?) حسِّ، فقال الوليد: ما رأيت شيخاً قط أصبر من هذا. وأصيب عُرْوة بابنه محمد في ذلك السفر، في إصطبل (?) الوليد فضربته الدواب بقوائمها فقتلته، فأتى عروة رجل يعزيه فقال: إن كنت تُعزِّيني برجلي فقد احتسبتها، قال: بل أُعَزِّيك بمحمد ابنك، قال: وما له؟ فأخبره فقال:: اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء، وأخذت ابناً وتركت أبناء (?)، وجاء في رواية: اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحداً، وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت طرفاً، وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت، لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت (?). وجاء في رواية عن ابنه عبد الله: نظر أبي إلى رجله في الطست، فقال: إنَّ الله يعلم أنِّي ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم (?)، ولما قدم المدينة أتاه ابن المنكدر فقال: كيف كنتَ؟ قال: ((لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)) (الكهف، الآية: 62).
وجاء عيسى بن طلحة إلى عروة بن الزبير حين قدم، فقال عروة لبعض بنيه: اكشف لعمك رجلي، ففعل، فقال عيسى: إنا والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع، ولا للسباق، ولقد أبقى الله منك لنا ما كُنَّا نحتاج إليه، رأيك وعلمك. فقال: ما عزَّاني أحد مثلك (?)، قال ابن خلِّكان: كان أحسن من عزّه إبراهيم بن محمد بن طلحة فقال: والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أربٌ في السَّعي، وقد تقدّمك عضو من أعضاك وابن من أبنائك إلى الجنَّة، والكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنَّا إليه فقراء من علمك ورأيك، والله وليٌّ ثوابك والضمين بحسابك (?)، وقد توفي عروة وهو ابن سبع وستين سنة، سنة 93 هـ (?).
كتب الوليد إلى الحجّاج أن يكتب إليه بسيرته، فكتب إليه إني أيقظت رأيي وأنمت هواي