وولاتهم ـ التزامه بآداب جمة يجدر الوقوف عندها وتأملها للإفادة منها ومن أهم تلك الآداب ما يلي:
1 ـ إنه على الرغم مما حدث بينه وبين بعض خلفاء بني أمية وولاتهم فإنه يعترف بإمامتهم وشرعية خلافتهم، فهو يعترف لعبد الملك بن مروان وابنه الوليد بإمرة المؤمنين، كما ورد ذلك في قوله لحاجب عبد الملك حين دعاه لمقابلة عبد الملك فقال سعيد: ما لأمير المؤمنين (?) حاجة. وكذلك قالها للوليد حين قدم الوليد المدينة ودخل المسجد مع عمر بن عبد العزيز ودار فيه مع عمر حتى قربا من سعيد بن المسيب ووقفا عليه، فقال الوليد لسعيد كيف أنت أيها الشيخ؟ فقال سعيد: خير والحمد لله. فانصرف وهو يقول لعمر هذا بقية الناس، فقال عمر: أجل يا أمير المؤمنين (?). كما أنه على الرغم من ما صنع به والي المدينة ـ هشام بن إسماعيل ـ فإنه كان يصلي خلفه، وكل ما فعله مقابل إساءته له أن قال: الله بيني وبين من ظلمني أو اللهم انصرني من هشام (?)، وكان يمتثل أوامرهم فيه، فحين أخرج من السجن نهوا أن يجالسه أحد، فكان إذا أراد أحد أن يجالسه قال: إنهم قد جلدوني، ومنعوا الناس أن يجالسوني (?).
2 ـ ومن أدب خلافه أنه لم يشغل نفسه بسب بني أمية أو ولاتهم، أو التعرض لهم بالقدح وإثارة الناس عليهم، فحين قيل له: ادع على بني أمية، قال: اللهم أعز دينك وأظهر أولياءك وأخز أعداءك في عافية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم (?).
3 ـ كما لم يدفعه كرهه لبني أمية أن يضع يده مع كل معارض لهم ويسعى لتأييده نكاية للأمويين.
4 ـ كما أنه على الرغم من كرهه القرب من خلفاء بني أمية ـ لاسيما بني مروان منهم، وربما انتقاده لبعض العلماء الذين خالطوهم كقبيصة بن ذؤيب والزهري، على الرغم من ذلك إلا أن كرهه لهذا العمل من العلماء لم يمتد ليشمل نظرته وتقويمه لهم، بل كان يقدر لهم عملهم واجتهادهم، فروى عنه قوله في الزهري: ما مات من ترك مثلك (?). فانظر إلى هذا الأدب في الخلاف بين العلماء حين يختلفون في قضية من القضايا أو موقف من المواقف، فإنه لا يمتد هذا الخلاف ليفسد ذات بينهم أو يشعل فتيل التهم فيما بينهم (?).
وقد استطاع عمر بن عبد العزيز حين تولى الحجاز في عهد الوليد أن يحسن التعامل مع العلماء بشكل عام وقدر لهم قدرهم وجعلهم مستشاريه، وخص سعيداً بمزيد من التقدير