الملك بن مروان فقال: لا أبايع لاثنين ما اختلف الليل والنهار. قال: فقيل له: أدخل من الباب واخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس (?).

وكان حجة سعيد بن المسيب في امتناعه عن البيعة أنه لا يجوز أن يبايع لاثنين بالخلافة في آن واحد (?). وقال عبد الرحمن بن عبد القاري، لسعيد بن المسيب، حين قدمت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة من بعد أبيهما: إني مشير عليك بخصال ثلاث، قال: وما هي؟ قال" تعتزل مقامك، فإنك هو وحيث يراك هشام بن إسماعيل ـ والي المدينة ـ قال: ما كنت لأغيّر مقاماً قمته منذ أربعين سنة. قال: تخرج معتمراً؟ قال: ما كنت لأنفق مالي، وأجهد بدني في شيء ليس فيه نيه. قال: فما الثالثة. قال: تبايع. قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك، كما أعمى بصرك. قال: فما علي! (?) ـ وكان أعمى ـ قال رجاء بن جميل الإيلي: فدعاه هشام إلى البيعة، فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك، فكتب إليه عبد الملك، مالك ولسعيد، ما كان علينا منه شيء نكرهه، فأما إذا فعلت، فاضربه ثلاثين سوطاً، وألبسه تُبَّان (?) شعر، وأوقفه للناس (?).

وكان للفقيه الكبير قبيصة بن ذؤيب دور في ندم الحكام على صنيعهم، ولام الخليفة على ما فعل بابن المسيب وتم اخلاء سبيله من السجن من قبل والي المدينة الذي سجنه وجلده (?).

فهذا هو موقف سعيد بن المسيب وتمسكه بفتواه فقد رفض بشدة الخضوع للسلطان وخداع الأمة، فهو يرى أن امتناعه عن البيعة، إذا لم يعلمه الناس فلا جدوى منه فلابد للعالم والفقيه أن يبين ما يحدد موقفه (?)، وكان سعيد بن المسيب عنده أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم وكان لا يقبل عطاءهم (?)، وقد اختلف المؤرخون في أمر سعيد بن المسيب، بأن والي المدينة هو الذي عرض سعيد للعقوبة بدون أمر عبد الملك، والبعض الآخر الآخر قال: بأن عبد الملك هو الذي أمر، فالذي يهمنا هنا هو موقف سعيد من ولاية العهد للوليد وسليمان وتعرضه للعقوبة والمحنة مما زاد من حدة الخلاف بينه وبين بني مروان وأسهم في توسيع الفجوة في علاقته بهم وولاتهم (?) وكانت له مواقف صلبة أمام عبد الملك وابنه الوليد من بعده (?)، ويلحظ المتمعن في خلاف سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ لبني أمية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015