كانت هناك عدة أسباب أدت إلى هذا منها:
1 ـ عالمية الدعوة: الحقيقة الثابتة التي تؤيدها النصوص القاطعة أن الإسلام دين عالمي، ورسالته للجنس البشري كله، لا لأمة دون أمة، ولا لشعب دون شعب، فمحمد رسول الله إلى الناس كافة ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)) (سبأ، الآية: 28) ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) (الأنبياء، الآية: 107). إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي توضح أن الرسالة الإسلامية للناس كافة، وأنها خاتمة رسالات السماء إلى أهل الأرض، فليس بعد القرآن الكريم كتاب من الله، وليس بعد محمد صلى الله عليه وسلم رسول ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)) (الأحزاب، الآية: 40) وقد قام بالتبشير بعالمية الدعوة ودعوة الأمم قادة وعلماء كموسى بن نصير، وقتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم وغيرهم كثير.
2 ـ المعاملة السمحة الكريمة: إن النماذج التي خرجها الإسلام من القادة والجنود قد اتصفوا بأخلاق حميدة وقيم سامية، فرفعت من المستوى الإنساني عند معتنقيها، فكان لها أثر كبير في إقبال أبناء البلاد المفتوحة على اعتناق الإسلام، فكم من أفواج من البربر دخلوا في الإسلام وقاتلوا في سبيله في عهد موسى بن نصير وكذلك في الهند، وبخاري وسمرقند وغير ذلك من البلدان فالمسلمون لم يفتحوا البلاد ليدمروها ويذلوا أهلها، وإنما ليعمروها ويعزوا أهلها، ويحرروهم من عبادة العباد إلى عبادة خالق العباد، ويخرجوهم من ضيق الدنيا إلى سعةالدنيا والآخرة، فهم أصحاب رسالة خالدة، تحمل للناس العدل والإنصاف وتحقق لهم الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية، وبمجرد ما عرف الناس في البلاد المفتوحة أهداف المسلمين الحقيقية وتكشفت لهم حقيقة الإسلام أسرعوا إلى اعتناقه بأعداد كبيرة ـ كما سنعرفه فيما بعد ـ ولقد حرص المسلمون، على الوفاء بكل ما التزموا به ولم يكن هذا من حسن السياسة فقط فالوفاء بالعهد ليس تبرعاً من المسلمين يمنون به على الناس ولكنه مسئولية واجبة عليهم (?)، قال تعالى ((وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)) (الإسراء، الآية: 34).
كانت سياسة المسلمين منذ بداية الفتوحات من سعة الأفق والمرونة بحيث أدركوا إن