إقليم السند، ووقفوا بالمرصاد لكل حركات التمرد والثورات التي قام بها الأمراء الهندوس، بعد رحيل محمد بن القاسم، فقد حاول هؤلاء الأمراء استرداد إماراتهم، وبصفة خاصة ابن داهر المسمى حليشة أو جيشبة، الذي حاول الرجوع إلى برهمنآباذ ولكن حبيب بن المهلب الذي ولاه سليمان بن عبد الملك السند ـ لم يمكنه من ذلك (?).

المبحث الرابع: أهم الدروس والعبر والفوائد من الفتوحات في عهد عبد الملك والوليد وسليمان:

أولاً: بماذا انتصر المسلمون؟

إن ما حدث في عهد عبد الملك من فتوحات هي امتداد طبيعي للأسس المتينة والقواعد الراسخة لفقه النهوض الذي أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكمل بناؤه الخلفاء الراشدون، وكانت الأمة وكثير من حكامها يعيشون لأجل العقيدة والدعوة الإسلامية وقد انتصر المسلمون بالإسلام نفسه، فهم قد فهموه فهماً صحيحاً دقيقاً وطبقوه على أنفسهم فأنشأ منهم خلقاً جديداً، غير النفوس والقلوب والعقول، وحررها من الوثنية وعبادة غير الله وفتح أمامهم آفاق الإيمان والعمل فاندفعوا يحملون رسالة التوحيد إلى الإنسانية كلها فأقاموا أمة وأنشأوا دولة كبرى وأعلنوا كلمة الله في الأرض حقاً وصدقاً (?)، لقد صيغت هذه الأمة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس واضح من الترابط بين الإسلام والإيمان، والعقيدة والعمل، وفق أصفى مفهوم للتوحيد وأصدق فهم لإقامة المجتمع الإنساني واجتمع لها في إيمانها: العقيدة والشريعة والأخلاق دون أن ينفصل أحدها عن الآخر، وتكامل لها مفهوم المعرفة القائم على القلب والعقل (?)، وقد ظلت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بكل دقائقها وتفاصيلها أمام المسلمين قدوة صادقة وأسوة حسنة وقد كانت المثل الأعلى أمام القادة والمصلحين والأبطال والمجاهدين وما زالت وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولقد انتصر المسلمون بقيم ومقومات ومثل كثيرة تعلموها وتربوا عليها من القرآن الكريم وهدي الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ومن أبرز هذه القيم والمقومات عقيدة سليمة، عبادة صحيحة، كتاب منير، أسوة حسنة، شريعة عادلة، أخلاق حميدة، جهاد في سبيل الله، تربية صالحة مستمرة، مفهوم شامل للحياة والمجتمع، بطولة في المواقف، وصمود في وجوه (?) العدو وغير ذلك من القيم والمقومات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015