انتهت حياة هذا المجاهد الكبير نهاية حزينة أليمة, فقد مات الخليفة الوليد وتولى أخوه سليمان بن عبد الملك 96 - 99هـ وكانت العلاقة بين سليمان والحجاج ورجاله, ومنهم قتيبة غير حسنة, قيل لأنهم كانوا وافقوا الوليد على خلع أخيه سليمان, وتولية ابنه عبد العزيز بن الوليد (?) , فخشي قتيبة أن يعزله سليمان, فأرسل إليه رسائل يعزيه في الوليد ويهنئه بالخلافة, ويختبر نواياه نحوه, لكن سليمان لم يعزله, بل أرسل له عهداً بولاية خراسان (?) , مع رسول خاص من عنده, تكريماً له ولكن قتيبة تعجل وخلع طاعة سليمان قبل وصول ذلك العهد, فغضب الناس واستنكروا خلع سليمان وثار الجند على قتيبه فقتلوه (?) يقول الذهبي: ولما بلغه موت الوليد, نزع الطاعة, فاختلف عليه جيشه, وقام عليه رئيس تميم وكيع بن حسَّان, وألَّب عليه, ثم شَدَّ عليه في عشرة في فرسان تميم فقتلوه في ذي الحجة سنة ستِّ وتسعين, وعاش ثمانياً وأربعين سنة (?) , وقال ابن كثير في سبب مقتل قتيبة بن مسلم: وذلك أنَّه جمع الجند والجيوش, وعزم على خلع سليمان وترك طاعته وذكر لهم همّته وفتوحه وعدله فيهم ودفعه الأموال الجزيلة إليهم, فلما فرغ من مقالته, لم يجبه أحد منهم إلى مقالته, فشرع في تأنيبهم وذمِّهم قبيلة قبيلة وطائفة طائفة, فغضبوا عند ذلك ونفروا عنه وتفرَّقوا, وعملوا على مخالفته وسعوا في مقتله وكان القائم بأعباء ذلك رجل يقال له: وكيع بن أبي سُود, فجمع له جموعاً كثيرة, ثم ناهضه فلم يزل به حتى قتله في ذى الحجة من هذه السنة, وقتل معه أحد عشر رجلا من إخوته وأبناء إخوته, ولم يبق سوى ضرار بن مسلم وكانت أُمُّه الغراء بنت ضرار بن القعقاع بن معبد بن سعد بن زُرارة, فحمته أخواله - وعمرو بن مسلم, وكان عامل الجوزجان وقتل قتيبة وعبد الرحمن وعبد الله وعبيد الله وصالح, وبشار, وهؤلاء أبناء مسلم وأربعة من أبنائهم فقتلهم كلهم وكيع بن سُود (?) , وقد كان قتيبة بن مسلم من سادات الأمراء وخيارهم, وكان من القادة النجباء الكبراء, والشجعان وذوي الحروب والفتوحات السعيدة والآراء الحميدة, وقد هدى الله على يديه خلقاً لا يُحصيهم إلا الله فأسلموا ودانوا لله عز وجل, وفتح من البلاد والأقاليم الكبار والمدن العظام شيئاً كثيراً, كما تقدم ذلك مفصَّلاَّ مبيَّناَّ والله سبحانه لا يضيِّعُ سعيه ولا يخيِّبُ تعبه وجهاده, ولكن زلَّ زلة كان فيه حتفه وفعل فعلة رغم فيها أنفه, وخلع الطاعة فبادرت إليه المنية, وفارق الجماعة, فمات ميتة جاهلية, لكن سبق له من الأعمال الصالحة ماقد يكِّفرُ الله بها عنه من سيئاته, ويمحو عنه من خطيَّاتِه والله يسامحه ويعفو عنه ويتقبَّلُ منه, ما كان يكابده من مُناجرة الأعداء (?).