المرحلة الثانية: فتح إقليم بخارى 87 ـ 90هـ:

كانت أول مدينة غزاها في هذا الإقليم، وهي مدينة بيكند، يقول الطبري: إن قتيبة لما صالح نيزك، أقام إلى وقت الغزو ثم غزا في تلك السنة 87هـ فقطع النهر وسار إلى بيكند، وهي أدنى مدائن بخارى إلى النهر فلما نزل قريباً منها استنصروا الصغد واستمدوا من حولهم، فأتوهم في جمع كثير، وأخذوا بالطريق فلم ينفذ لقتيبة رسول ولم يصل إليه رسول، ولم يعرف له خبر شهرين، وأبطأ خبره على الحجّاج، فأشفق الحجّاج على الجند، فأمر الناس بالدعاء لهم في المساجد، وكتب بذلك إلى الأمصار، وهم يقتتلون كل يوم، فكانت بين الناس مشاولة (?)، ثم تزاحفوا والتقوا وأخذت السيوف مأخذها وأنزل الله على المسلمين الصبر، ثم منح الله المسلمين أكتافهم فانهزموا يريدون المدينة واتبعهم المسلمون فشغلوهم عن الدخول فتفرقوا وركبهم المسلمون قتلاً وأسراً كيف شاءوا واعتصم من دخل المدينة بالمدينة وهم قليل، فوضع قتيبة الفَعَلة في اصلها ليهدمها، فسألوه الصلح فصالحهم، واستعمل عليها رجلاً من بني قتيبة (?)، ولكنهم سرعان ما نقضوا الصلح، وقتيبة منهم على خمس فراسخ فرجع إليهم، وقتل من كان في المدينة، وغنم غنائم كثيرة، ورجع قتيبة إلى مرو، وقوى المسلمون، فاشتروا السلاح والخيل .. وتنافسوا في حسن الهيئة والعدة (?)، واستمرت حملات قتيبة على إقليم بخارى في هذه المرحلة بصفة منظمة كل سنة، وكان غزوه يتم في فصل الصيف فإذا دخل الشتاء عاد إلى مرو وفي سنة 88هـ ترك أخاه بشاراً على مرو وعبر النهر ففتح نومشكت ورامثنة من أعمال بخاري صلحاً بناء على طلب أهلها (?)، ولكن هاله حلف من أهل فرغانة والصغد في مائتي ألف عليهم ابن أخت ملك الصين ـ كور مغايون ـ وواضح من هذا التجمع الكبير أن الأمم في هذه المناطق قد تداعت وتحالفت على المسلمين، ولكن الله نصر قتيبة وجنده على هذا الحلف، ثم عاد إلى مرو (?)، وفي عام 89هـ استأنف قتيبة فتوحاته وقصد بخاري هذه السنة بناء على أوامر الحجّاج، فلقيه في طريقه جمع من أهل كش ونسف فظفر بهم ومضى إلى بخاري، فتصدى له ملكها ـ وردان خذاه ـ فلم يستطع الاستيلاء عليها، فرجع إلى مرو، وكتب إلى الحجّاج يخبره فطلب منه الحجّاج أن يصورها له فبعث إليه بصورتها، فنصحه وأمده وعرفه الموضع الذي يأتيها منه، وأمره بالمسير إليها، فسار إليها سنة 90هـ ومع أن وردان خذاه كان قد استجاش الصغد والترك ليساعدوه في التصدي لقتيبة، إلا أنه تمكن من الانتصار عليهم بعد معارك شرسة، واستولى على بخاري، وكتب بالفتح إلى الحجّاج (?)، وبهذا استكمل قتيبة فتح إقليم بخارى كله في ثلاث سنوات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015