الزهاد ممن يعشق الجهاد، ويعرف باسم شريح بن هانيء، فقام شريح ودعا الجنود إلى الاستمرار في القتال لطلب الشهادة ومما جاء في دعوته: يا أهل الإسلام، من أراد منكم الشهادة فإلي: فاتبعه أُناس من المتطوعة وفرسان الناس، وأهل الحفاظ فقاتلوا الترك حتى أصيبوا إلا قليلاً، وعادوا من بلاد رتبيل فاستقبلهم الناس بالأطعمة، فكان أحدهم إذا أكل وشبع مات، وبذلك لم تحقق هذه الغزوة أهدافها العسكرية مما دفع الحجّاج إلى استئذان الخليفة عبد الملك بإرسال جيش جديد (?)، يعيد للدولة هيبتها ومكانتها (?)، فأعد الحجّاج في عام 80هـ جيشاً قوياً من أهل الكوفة بلغ عدد عسكره أربعين ألفاً، عشرون ألفاً من الكوفة ومثلهم من البصرة وتشجيعاً للجنود ورفعاً لروحهم المعنوية أعطاهم أعطياتهم مسبقة، وأنفق فيها الأموال، وأنجدهم بالخيل والسلاح، حتى سمي هذا الجيش ((جيش الطواويس)) فقد بلغت الأموال التي أنفقها على تجهيزه سوى الأعطيات مليوني درهم (?)، واختار لهذا الجيش الكبير عبد الرحمن بن الأشعث الذي سار بهم حتى وصل سجستان (?). وقد تحدثنا عن هذا الجيش وما قام به من حروب أهلية عند دراستنا لثورة عبد الرحمن بن الأشعث.
هو قتيبة بن مسلم الباهلي الأمير أبو حفص، أحد الأبطال والشجعان، ومن ذوي الحزم والدهاء والرأي والغَنَاء، وهو الذي فتح خوارزم وبخارى وسمرقند وكانوا قد نقضوا وارتُّدوا. ثم أنه افتتح فرغانه، وبلاد الترك في سنة 95هـ (?)، ولي خراسان عشر سنين وله رواية عن عمران بن حصين، وأبي سعيد الخدري (?)، ولم ينال قتيبة أعلى الرتب بالنسب، بل بكمال الحزم والعزم والإقدام، والسَّعد، وكثرة الفتوحات ووفور الهيبة (?).
تولى قتيبة خراسان بعد المفضل بن المهلب وكان من الأبطال الشجعان ذوي الحزم والدهاء والرأي والغناء، ويعتبر بحق من أعظم القادة الفاتحين، الذين عرفهم التاريخ الإسلامي عامة وتاريخ الدولة الأموية خاصة (?)، ففي عشر سنين فتح أقاليم شاسعة: وقد هدى الله على يديه خلقاً لا يحصيهم إلا الله، فأسلموا ودانوا لله عز وجل (?)، وكانت بداية فتوحاته عندما وصل لخراسان، فقد جمع الناس وخطبهم قائلاً: إن الله أحلكم هذا المحل ليعز دينه ويذب بكم عن الحرمات، ويزيد بكم المال استفاضة والعدو ـ وقماً ـ أي ذلاً ـ