على البخل، وأحبوا العرب واصطنعوا العرف، فإن الرجل من العرب تَعده العِدة فيموت دونك، فكيف الصنيعة عنده؟ عليكم في الحرب بالإناة والمكيدة فإنها أنفع في الحرب من الشجاعة وإذا كان اللقاء نزل القضاء، فإن أخذ الرجل بالحزم فظهر على عدوه قيل: أتى الأمر من وجهه ثم ظفر فَحُمد وإن لم يظفر بعد الأناة قيل: ما فرّط ولا ضيّع، ولكن القضاء غالب، وعليكم بقراءة القرآن وتعلم السنن وأدب الصالحين وإياكم والخفة وكثرة الكلام في مجالسكم (?).
وبعد وفاة المهلب وليّ الحجّاج ابنه يزيد خراسان، فقام يزيد عام 84هـ بفتح قلعة باذنجس (?)، التي كان ينزلها ينزك، بعد أن وضع عليه العيون، وتأكد من خلو القلعة بخروج ينزك منها فسار إليها وحاصرها فتم له فتحها، واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر وكانت القلعة على جانب كبير من المنعة بحيث أن صاحبها ينْزك كان يسجد لها (?)، وعزل الحجّاج يزيد بن المهلب وعين أخاه المفضل على ولاية خراسان عام 85هـ فولى المفضل البلاد تسعة أشهر قام خلالها بغزو باذنجس، ففتحا وأصاب منها مغنماً فقسم المغانم بين المقاتلين، فأصاب كل رجل منهم ثمانمائة درهم ثم غزا المفضل آخرون وثومان، فظفر وغنم، وكان يقسم الأموال مباشرة لعدم وجود بيت مال عنده (?).
وفي عام 86هـ عين الحجّاج قتيبة بن مسلم على خراسان (?) وقبل الحديث عن قتيبة وفتوحاته لابد من الإشارة إلى فتوحات سجستان.
3 ـ سجستان: ولى الخليفة عبد الملك: أمية بن عبد الملك بن خالد بن أسيد بن أبي العيص فوجه هذا ابنه عبد الله فصالحه رتبيل القائم على ثلاثمائة ألف درهم، ولما بلغ الخليفة ذلك عزله، ثم ولى الحجّاج عام 78هـ عبيد الله بن أبي بكرة فلبث سنة بلا غزو، وفي السنة التالية تحرك لمناجزة رتبيل الذي كان مصالحاً، ولكنه يؤدي الخراج حيناً ويمنع حيناً آخر، فقام عبيد الله بن أبي بكرة عام 79هـ، ومضى إليه غازياً حتى دخل بلاده، فأصاب منها الغنائم وهدم الحصون وغلب على أرض من أرضيهم وهرب أتباع رتبيل من الترك أمام جحافل المسلمين، حتى اقتربوا من عاصمتهم كابل، فأخذ الترك على المسلمين الشعاب والمسالك، فسقط في أيديهم المسلمين حتى شعر الجنود المسلمين بالضيق والهلاك، مما دفع عبيد الله بن أبي بكرة إلى مصالحة رتبيل ليمكن المسلمين الخروج من أرض الترك سالمين (?)، وكان بين المقاتلين أحد