في ولاية خراسان وكان يقال: ساد الأحنف بحلمه ومالك بن مسمع بمحبته للعشيرة، وقيبة بدهائه وساد المهلب بهذه الخلال جميعاً (?). وكان سيداً جليلاً نبيلاً خطيباً شجاعاً فقيها وكان على جانب عظيم من السخاء والكرم ومما يدل على كرمه أنه أقبل يوماً في بعض غزواته فتلقته امرأة فقالت له: أيها الأمير إني نذرت إن أقبلت سالماً أن أصوم شهراً وتهب لي جارية وألف درهم، فضحك المهّلب وقال: قد وفينا نذرك فلا تعودي لمثله، فليس كل أحد يفي لك به (?). ووقف رجل فقال: أريد منك حُويجة. فقال المهلب: أطلب لها رُجيْلا يعني أن مثلي لا يسأل إلا عن حاجة عظيمة (?)، وكان حليماً من أخبار حلمه، أنه مرّ يوماً بالبصرة، فسمع رجلاً يقول: هذا أعور قد ساد الناس، ولو خرج إلى السوق لا يساوي أكثر من مائة درهم فبعث إليه المهلب بمائة درهم وقال: لوزدتنا في الثمن زدناك في العطية (?)، وكان قد فقئت عينه بسمرقند (?)، وكان بليغاً في كلامه حكيماً في آرائه، له كلمات لطيفة وإشارات مليحة تدل على مكارمه ورغبته في حسن السمعة والثناء الجميل ومن ذلك قوله: الحياة خير من الموت، والثناء خير من الحياة، ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لا حببت أن تكون لي أذن أسمع بها ما يقال فيَّ غداً إذا مت (?)، وقيل يوماً للمهلّب: ما خير المجالس؟ فقال: ما بعد فيه مدى الطرف وكثر فيه فائدة الجليس. وقال يوماً: أدنى أخلاق الشريف كتمان السر وأعلى أخلاقه نسيان ما أسرّ إليه (?).

2 ـ وصيته لأبنائه حين حضرته الوفاة:

2 ـ وصيته لأبنائه حين حضرته الوفاة: دعا ابنه حبيباً ومن حضره من ولده، ودعا بسهام فحزمت ثم قال: أفترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا: لا. فقال: أفترونكم كاسريها متفرقة؟ قالوا: نعم. قال: فهكذا الجماعة، فأوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تنسيء في الأجل وتثري المال وتكثر العدد، وأنهاكم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار وتورث الذلة والقلّة، فتحابوا وتواصلوا وأجمعوا أمركم لا تختلفوا، وتبارّوا تجتمع أموركم. إن بني الأم يختلفون فكيف ببني العَلات؟ وعليكم بالطاعة والجماعة وليكن فعالكم أفضل من قولكم، فإني أحبّ للرجل أن يكون لعمله فضل على لسانه، واتقوا الجواب وزلة اللِّسان فإن الرجل تزلّ قدمه فينتعش من زلّته ويزلّ لسانه فيهلك. اعرفوا لمن يغشاكم حقّه، فكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكرة له، وآثروا الجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015