سليم وقوي، حيث أنهم أدركوا أن حصارها يتطلب قوات كبيرة ووقتاً طويلاً وأسلحة متنوعة لذلك جمعوا: آلات الحرب للصيف والشتاء والمجانيق والنفط وغير ذلك (?).
تجاذبت قادة المسلمين العسكريين خطتان حول سير الحملة، الأولى طرحها موسى بن النصير، وفحواها أن على المسلمين احتلال المدن والحصون التي دون القسطنطينية، لتجريدها من المواقع الحصينة المحدقة بمسالكها، والتي قد تعيق حركة الجيش الإسلامي، ويستمر الأمر بهذه الخطة حتى تفتح القسطنطينية، وأما الخطة الثانية، فطرحها مسلمة بن عبد الملك والذي ارتأى أن إتباع خطة موسى، يحتاج إلى أمد بعيد جداً حتى يتحقق حصار القسطنطينية، وفتحها، لذلك أشار بضرورة التوجه مباشرة إلى القسطنطينية دون التعرض للمدن والحصون المحدقة بجانبي الطريق إلا ما كان ضرورياً، ويبدو أن رأي مسلمة لقي قبولاً لدى الخليفة ومستشاريه العسكريين لذلك تقرر سير الحملة حسب خطته (?)، وسار سليمان من القدس إلى دمشق ومضى حتى نزل دابق (?)، وأقسم ألا ينتقل منها حتى يفتح القسطنطينية، فأقام بها (?)، وفي سنة 98هـ تحركت الحملة بقيادة مسلمة بن عبد الملك من سوريا براً، وبحراً باتجاه القسطنطينية واستمر مسلمة في سيره ووصلت الحملة البرية القسطنطينية عام 98هـ ووصلها الأسطول في عام 99هـ، وضرب المسلمون الحصار على المدينة، وقاتلوا الروم قتالاً شديداً واستبسلوا في جهادهم، ورغم المصابرة التي استمرت قرابة سنة، فإن المحاولة فشلت وخسر المسلمون خسارة كبيرة في العدد والعدة (?)، وقد وصفت المصادر الإسلامية الحالة السيئة، التي آل إليها الجيش الإسلامي في الفترة الأخيرة من الحصار، فالبسوي يقول: وقد كان الناس لقوا جهداً من القسطنطينية من الجوع (?)، ويقول الطبري: فلقي الجند ما لم يلق جيش، حتى أن كان الرجل ليخاف أن يخرج من العسكر وحده، وأكل الدواب والجلود وأصول الشجر والورق وكل شيء غير التراب (?)، كما أن البيزنطيين داخل القسطنطينية كانوا في حالة سيئة أيضاً ولعل من الشواهد التاريخية على ذلك ما يأتي:
أـ إن مخاطرة السفن البيزنطية في الخروج لجلب القمح من شواطئ البحر الأسود وخروج المراكب الصغيرة لجلب الطعام، وصيد الأسماك، دليل قوي على الضنك الاقتصادي عند أهل القسطنطينية بالرغم من إنكسار حدة القتال.