الوليد مشروع عقد هدنة بين الدولتين، ولما وصلت السفارة البيزنطية إلى دمشق، شاهدت عظمة المسلمين في عاصمتهم ونشاط الخليفة في إعداد الجيوش لتوجيهها إلى القسطنطينية وعاد السفير إلى الإمبراطور يؤكد صدق عزيمة المسلمين على الجهاد وينصح بضرورة إتخاذ الإحتياطات اللازمة للدفاع عن العاصمة فأخذ اسنطاس برأي سفيره، وأعلن في القسطنطينية أخبار الحملة الإسلامية المنتظرة، وأمر كل فرد أن يخزن لنفسه مؤونة تكفيه ثلاث سنوات وأن يخرج من المدينة كل معوز وغير قادر على تدبير مؤونته، ثم ملأ الخزائن الإمبراطورية بكميات كبيرة من القمح وغيره من الحاجيات التي يتطلبها المدافعون عن المدينة، واهتم كذلك بتجديد أسوار المدينة لاسيما الجهات المطلة منها على المياه، حيث كان التداعي قد دب فيها، ووضع على الأسوار البرية كل الآلات الحربية من المجانيق وغيرها من وسائل الدفاع (?)، وبينما يمضي الخليفة الوليد في استعداداته للزحف على العاصمة البيزنطيين إذ وافته منيته سنة 96هـ، فخلفه أخوه سليمان ليواصل جهوده في هذا الميدان (?).
يبدو أن اهتمام الخلفاء بفتح القسطنطينية، إنما يرجع لرغبتهم الشديدة في أن يكونوا المقصدوين بقوله عليه الصلاة والسلام: لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش (?)، ويضاف إلى ذلك رغبة سليمان الشديدة، في وضع حد للهجمات البيزنطية المتكررة على الشواطئ الشامية والمصرية، والتي من شأنها بث حالة من عدم الاستقرار في تلك النواحي وبالتالي المساس بسيادة الدولة الإسلامية، فقد هاجم البيزنطيون ساحل جند حمص، وسبوا ((امرأة وجماعة))، وللمرأة فيهم ذكر إذ ذاك، فغضب سليمان وقال: ما هو إلا هذا نغزوهم ويغزوننا والله لأغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية، أو أموت دون ذلك (?).
شملت الاستعدادات للحملة معظم العالم الإسلامي، فقد ضمت الحملة البرية نحو مائةً وعشرون ألفاً من الشام والجزيرة والموصل وضمت الحملة البحرية ألف مركب من أهل مصر وإفريقيا (?) ويبدو أن تقدير المسلمين بحصانة القسطنطينية، وطول أمد الحرب، تقدير