الأزارقة مهما كانت السلطة التي تصدر إليه الأوامر (?)، فكما قاتلهم تحت لواء آل الزبير استمر يقتالهم تحت لواء عبد الملك، ولما أسندت ولاية العراق إلى الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة 75هـ جدّ في مساعدة المهلب وحشد له العراقيين وشد أزره، فاشتد في مقاومتهم حتى تمكن من القضاء على خطرهم، وقد أتاح له الخوارج أنفسهم فرصة كسر شوكتهم عندما انقسموا على أنفسهم قسمين، قسم تزعمه رجل اسمه عبد ربه فقد قضي عليه المهلب نهائياً (?)، وأما قطري بن الفجاءة ومجموعته فقد رحلوا إلى طبرستان، ولكن المهلب تمكن من القضاء عليهم سنة 77هـ بمساعدة جيش أرسله إليه الحجّاج بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي (?)، وهكذا قضى المهلب على خطر من أكبر الأخطار التي هددت الدولة الأموية في عهد عبد الملك بن مروان، وهم الخوارج الأزارقة الذين كان مسرح عملياتهم العراق وبلاد فارس وكرمان والأهواز، واستمرت حركتهم ثلاثة عشر عاماً 65 ـ 78هـ (?).
وصف المهلب بأنه كان نزر الكلام وجيزه، يفضل فعله على لسانه (?)، متلطفاً في إجاباته (?)، كاتماً للسر (?)، حليماً في موضع الحلم، شديداً في موضع الشدة، وإن كان الحلم أغلب عليه، فيروى أن رجلاً شتمه فلم يرد عليه: فقيل له لم حلمت عنه؟ قال: لم أعرف مساويه وكرهت أن أبهته بما ليس فيه (?)، واتصف المهلب بصبره واناته في أعماله وحروبه وكان يقول: إناة في عواقبها فوت خير من عجلة في عواقبها درك (?)، وعندما كان الحجّاج يستعجله بمناجزة الأزارقة الخوارج، أجابه بقوله: إن البلاء كل البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره (?)، ومما اشتهر به المهلب في حروبه هو إعداده للبيات وأحكامه الأمور (?)، أي أنه كان يباغت أعداءه بشن الهجوم عليهم ليلاً فيحرز انتصارات مؤزرة، واشتهر المهلب بكرمه وسخائه، ومن أقواله لأبنائه في هذا الباب: ما رأيت أحداً بين يدي قط إلا أحببت أن أرى ثيابي عليه، واعلموا يا بني أن ثيابكم على غيركم أحسن منها عليكم (?)، وكان يحرص على شراء ود الناس وله قول مأثور في ذلك: عجبت لمن يشتري المماليك بماله ولا يشتري