الأحرار بمعروفه (?)، وقيل له بما ظفرت؟ قال: بطاعة الحزم، ومعصية الهوى (?).

2 ـ من أساليب المهلب في قتال الخوارج:

كانت سياسة المهلب تقوم على النفس الطويل في محاربة الخوارج وكان ينتظر تفجيرهم من الداخل، حتى يهون عليه أمرهم ويسهل القضاء عليهم، فقد كتب إلى الحجّاج: إني انتظر منهم ثلاث خصال: موت صاحبهم قطري بن الفجاءة أو فرقة وتشتيتاً أو جوعاً قاتلاً (?)، ولم تخطيء تقديرات المهلب للخوارج إذ سرعان ما دبّ الشقاق في صفوف الأزارقة، فما كان من المهلب إلا أن انتهز الفرصة فصعّد الخلاف في صفوفهم، فعمد إلى حيلة ناجحة، فقد عرف بين الخوارج رجلاً يصنع السهام المسمومة، فأرسل المهلب أحد أصحابه، بكتاب أمره أن يلقيه بين عساكر قطري سراً كتب فيه: أما بعد، فإن نصالك وصلت وقد أنفذت إليك ألف درهم. فلما استوضح عن الصانع أنكر فقام قطري بن الفجاءة بقتله، فخالفه بذلك عبد ربه الكبير ووقع خلاف جديد (?). وتعميقاً للخلاف في صفوف الخوارج جنّد المهلب رجلاً نصرانياً وأمره أن يسجد لقطري بن الفجاءة فلما شاهده الخوارج أنكروا ذلك عليه وقتلوا النصراني واتهموا زعيمهم بتأليه نفسه (?). وأخذ الخوارج يقتتلون فيما بينهم، بينما المهلب ينتظر النتائج النهائية، التي تسفر عنها هذه التصفيات ليتفرغ لها مما جعله لا يمتثل لأمر الحجّاج عندما طالبه بمقاتلتهم، بل كتب له: إني لست أرى أن أقاتلهم ما دام يقتل بعضهم بعضاً، فإن تمّوا على ذلك، فهو الذي تريد وفيه هلاكهم، وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رمق بعضهم بعضاً، فأناهضهم حينئذ، وهو أهون ما كانوا وأضعهم شوكة إن شاء الله تعالى (?)، فكف عنه الحجّاج، وتركهم المهلب يقتتلون شهراً لا يحركهم (?)، ثم سار إليهم المهلب وتهيأت له الخوارج بقيادة عبد ربه الكبير ثم تلا ذلك قتل شديد تمكن المهلب في نهايته من طردهم من جيرفت، ثم لاحقهم حتى هزمهم هزيمة منكرة، وقتل زعيمهم عبد ربه ولم ينج منهم إلا عدد قليل (?)، ولعل نجاح المهلب يعود إلى أسلوبه الحربي، الذي يعتمد على المطاولة ويتجنب العجلة، بجانب قيادته الحكيمة وشجاعته وخبرته العسكرية ومكره في الحروب (?). قال الشاعر:

قد يدرك المرء بالتدبير ما عجزت

عنه الكمأة ولم يحمل على بطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015