مثله (?)، وعن ابن أبى مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح في اليوم السابع وهو أليَثُنا (?). وعلق الذهبي على ذلك فقال: لعله ما بلغه النهي عن الوصال ونبيك - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم، وكل من واصل، وبالغ في تجويع نفسه، انحرف مزاجه وضاق خلقه، فاتباع السنة أولى، ولقد كان ابن الزبير مع مُلكه صِنفًا في العبادة (?).
3 - جرأته وشجاعته: كان عبد الله بن الزبير فارس قريش في زمانه، وكان يشتد بالسيف وقد ناهز السبعين كأنه فتى في ربيع العمر، قال عنه عثمان بن طلحة: كان ابن الزبير لا ينازع في ثلاثة: لا شجاعة ولا عبادة ولا بلاغة (?)، وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمى عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان أبوه إذا سمع ذلك منه يقول: أما والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام (?)، وكان مشهودًا له بالشجاعة منذ كان صغيرًا، وسنعرض لشجاعته في اليرموك وفي حصار القسطنطينية وفي فتح إفريقية، وفي دفاعه عن عثمان يوم الدار، وفي قتاله في الجمل، وسيأتي الحديث عن شجاعته أكثر بإذن الله في حصار الحجاج له بمكة. وكان يقول: والله إني لا أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علىَّ أهل الأرض (?)، وكان يُضرب بشجاعته المثل (?)، وكان ابن الزبير متأثرًا بشجاعة أبيه وإقدامه وشجاعة جده الصديق، وأمه وأخواله وعلى رأسهم عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق.
4 - فصاحته وخطابته: كان ابن الزبير - رضي الله عنه - لا ينازع، وكان من خطباء قريش المعدودين، وكان إذا خطب يشبه بجده أبى بكر الصديق - رضي الله عنه - في حركاته وإشاراته ونبرات صوته، وكان صيتًا إذا خطب، ويروى أن المسلمين عندما انتصروا على البربر فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وغنموا أموالاً وغنائم كثيرة جدًا، بعث ابن أبى سرح بالبشارة مع ابن الزبير إلى عثمان فقص على عثمان الخبر وكيف جرى، فقال له عثمان: إن استطعت أن تؤدي هذا للناس فوق المنبر، قال: نعم، فصعد ابن الزبير فوق المنبر فخطب وذكر لهم كيفية ما جرى، قال عبد الله: فالتفت فإذا أبى الزبير في جملة من حضر، فلما تبينت وجهه كاد يرتج علىّ في الكلام من هيبته في قلبي، فرمزنى بعينه وأشار إلىَّ