خالته عائشة، أم المؤمنين، رضي الله عنها، وهي العالمة الفقيهة، وكانت تحدثه وهو من أحب الناس إليها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد أبيها أبى بكر الصديق، - رضي الله عنه - وعنها، وكانت مدة خلافة عبد الله بن الزبير تسع سنوات، وقد حج خلالها ثمان مرات، وفي السنة الأخيرة كان محاصرًا فلم يستطع الحج. خطب ابن الزبير مرة الحُجّاج فقال: يا معشر الحجاج، سلوني؛ فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل، فقال رجل من أهل العراق: انحلّ جرابي فدخلت فيه فأرة فقتلتها، وأنا محرم، فقال: اقتلوا الفويسقة، فقال: أخبرنا
بالشفع والوتر والليالي العشر، فقال: العشر: الثماني وعرفة والنحر، والشفع من تعجلّ في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، والوتر: هو هذا اليوم (يعنى عرفة)، ولم يكن أحد أعلم بالمناسك من ابن الزبير في عهده (?). وقال عنه ابن عباس - رضي الله عنه -: كان قارئًا لكتاب الله متبعًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قانتًا لله صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواري رسول الله، وأمه بنت الصديق، وخالته عائشة حبيب الله زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يجهل حقه إلا من أعمى الله بصيرته (?). وكتب في فقهه رسالة علمية للطالب محمد عبد الرضا هادى بالعراق.
2 - عبادته وتقواه: تواترت الروايات التي تصور لنا حرص ابن الزبير على العبادة من صلاة وصيام وغيرها، حتى إنها أصبحت من معالم شخصيته (?)، قال عنه مجاهد: لم يكن أحد يطيق ما يطيقه ابن الزبير من العبادة (?) - رضي الله عنه - وقال: جاء سيل مرة فطبق أبنيه الكعبة، فجعل ابن الزبير يطوف سباحة (?)، وكان ابن الزبير - رضي الله عنه - كثير العبادة، إذا قام إلى الصلاة انقطع عن الدنيا ونسى مشاغلها وما فيها من حلو ومر وخرج من كل شيء إليها، فقد روى أن ابن الزبير كان يومًا يصلي فسقطت حية من السقف فطوقت بطن ابنه هاشم فصرخ النسوة وانزعج أهل المنزل واجتمعوا على قتل تلك الحية، فقتلوها وسلم الولد، فعلوا هذا كله وابن الزبير في الصلاة لم يلتفت ولا درى بما جرى حتى سلّم (?). وقال عنه ثابت
البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنَّه خشبة منصوبة لا تتحرك (?)، وقال يزيد بن إبراهيم عن عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير يصلي في الحجر والمنجنيق يصيب ثوبه، فما يلتفت، يعنى: لما حاصروه (?)، وعن ابن أبى مليكة: قال لي عمر بن عبد العزيز: إن في قلبك من ابن الزبير، قلت: لو رأيته ما رأيت مناجيًا ولا مصليًا