على مدى إهتمام أبيه به، فيروي ابن ظفر الصِّقلّي: أن معاوية بن أبي سفيان قال لابنه يزيد، وقد أتت عليه سبع سنين: يا بني في أي سورة أنت؟ فقال: في السورة التي تلي يا أمير المؤمنين.

فقال: يا بني إن هذه السورة تليها سورتان وهي بينهما، ففي أيهما أنت؟ قال: في السورة التي في أولها ((والذين آمنوا وعلموا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم)) (محمد، الآية: 2). فتمثل معاوية بقول حذافة بن غانم العدوي حيث يقول:

ملوك وأبناء الملوك وسادة ... تفلّق عنهم بيضة الطائر الصّقر

متى تلقَ منهم ناشئاً في شبابه ... تجده على أعراق والده يجري

فهم يغفرون الذَّنب ينقم مثله ... وهم تركوا رأي السَّفاهة والهجر (?)

وكان معاوية يوجه أبنه ويرشده وينصحه ويدله على الصواب فقد رأى ابنه يضرب غلاماً له، فقال له: سوأة لك، أتضرب من لا يستطيع أن يمتنع عليك؟ والله لقد منعتني القدرة من ذوى الإحن، وإنَّ أحقَّ من عفا لمن قدر (?)، وقد ثبت في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أبا مسعود يضرب غلاماً له، فقال له: اعلم أبا مسعود للهُ أقدر عليك منك عليه (?)، وذات يوم غضب معاوية على ابنه يزيد فهجره، فقال له الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة، وأرضى ذليلة إن غضبوا فأرضهم، وإن طلبوا فأعطهم ولا تكن عليهم ثقلاً فيملّوا حياتك ويتمنَّوا موتك، فقال معاوية: لله درُّك يا أبا بحر، يا غلام ائت يزيد فأَقْرِئه مني السلام، وقل له: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بمائه ألف. فقال يزيد: من عند أمير المؤمنين؟ فقال: الأحنف. فقال: لا جرم لأُقاسمنه فبعث إلى الأحنف بخمسين ألف وخمسين ثوباً (?)، وكان يزيد حاضر البديهة، قال العتبي: وقدم زياد بأموال عظيمة، وبسفط مملوءة جواهر على معاوية، فسرُّ بذلك معاوية، فقام زياد فصعد المنبر، ثم افتخر بما يفعله بأرض العراق من تمهيد الممالك لمعاوية، فقام يزيد فقال: إن تفعل ذلك يا زياد فنحن نقلناك من ولاء ثقيف إلى قريش، ومن القلم إلى المنابر، ومن زياد بن عُبيد إلى حرب بن أميه.

فقال له معاوية أجلس فداك أبي وأمي وكان معاوية يربي يزيد على القيام بالواجبات الاجتماعية مع أعيان المجتمع، فعندما وفد عبد الله بن عباس إلى معاوية، أمر ابنه يزيد أن يأتيه فيعزيه في الحسن بن علي، فلمّا دخل على ابن عباس رحّب به وأكرمه وجلس بين يديه، فأراد ابن عباس أن يرفع مجلسه، فأبى وقال: إنما أجلس مجلس المُعزِّي لا المُهَنِّي، ثم ذكر الحسن فقال: رحم الله ابا محمد أوسع الرحمة وأفسحها، وأعظم الله أجرك وأحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015