اللهُمَّ إن كانت صادقة، فاردُد بصرها، فأبصرت (?) وشارك رحمه الله بالجهاد في أرض الروم وعن أبي مسلم الخولاني، أنَّه كان إذا غزا أرض الروم، فمُّروا بنهر فقال: أجيزوا بسم الله، ويمر بين أيديهم، فيمرون بالنهر الغَمرْ، فربما لم يبلغ الدَّوابِّ إلا الرُّكب، فإذا جازوا قال: هل ذهب لكم شيء؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له، فألقى بعضهم مِخْلاته عمداً. فلما جاوزوا قال الرجل: مِخْلاتي وقعت، قال: اتَبعني فاتّبعه، فإذا بها معلَّقةٌ يعود في النهر، قال: خذها (?)، وكان الولاة يتيَّمنون بأبي مسلم، ويؤَمِّرونه على المقدِّمات (?)، وقد توفي رحمه الله بأرض الروم، وكان شتا مع بُسر بن أبي أرطاة فأدركه أجله، فعاده بُسر في مرضه فقال له أبو مسلم: يا بُسر، اعقد لي على من مات في هذه الغزاة فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم (?)، وعندما سمع معاوية رضي الله عنه بموته قال: إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني وكريب بن سيف الأنصاري (?)، وكان رحمه الله من أهل الحكمة فقد روي عن أبي مسلم الخولاني في مجال الرَّضى التام بقضاء الله وقدره، قوله: لأن يولد لي مولود يحسن الله عز وجل نباته حتى إذا أستوى على شبابه وكان أعجب ما يكون إليّ قبضه منيّ أحب إليّ من أن يكون لي الدنيا وما فيها (?).
وهذا دليل على كمال توحيد أبي مسلم عبد الله بن ثوب الخولاني حيث جاوز مرحلة الصبر على أقدار الله المؤلمة إلى مرحلة الرضى بقضاء الله، فاعتبر المصيبة بفقد ولد قد أحسن الله نباته وكان على خير ما يتمناه المؤمن شباباً صلاحاً أحبّ إليه من الدنيا وما فيها (?). هذه بعض الملامح العريضة على الجبهة الشامية المتعلقة بالجهاد في عهد معاوية رضي الله عنه.
معاوية بن حديج الكندي له صحبة ورواية قليلة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان في شيء شفاء فشربة عسل أو شرطة محجم، أو كية نار، وما أحب أن أكتوي (?)، وكان رضي الله عنه ملكاً مطاعاً من أشراف كندة (?)، وكان من خيرة الأمراء، فعن عبد الرحمن بن شماسة قال: دخلت على عائشة، فقالت: ممن أنت؟ قلت من أهل مصر،