ثم ما لبثت أن تفرقت في بلاد الشام وآسيا الصغرى، فخفَّ خطرها (?). وعلى أية حال، فلابد من القول بأن الانشاءات والمجهودات التي قام بها معاوية رضي الله عنه في سبيل الوصول إلى القسطنطينية وان كانت لم تثمر خلال حياته إلا أنها لعبت دوراً أساسياً في حفز من جاؤوا بعده من الخلفاء لأن يكملوا المسيرة التي بدأها (?).

ثامناً: أبو مسلم الخولاني من الغزاة في أرض الروم:

وهذا مثال من عظماء الرجال في ذلك العصر الذين ساهموا في صياغة نموذج إسلامي في السلوك والتعامل مع الحكام والمشاركة الإيجابية في المجتمع وحركة الفتوحات.

قال عنه الذهبي: سِّيد التابعين وزاهد العصر واسمه عبد الله بن ثوب على الأصح (?) قدم المدينة وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر (?)، وكانت له مواقف محموده في ضد الأسود العنسي الذي تنبَّأ باليمن، وثبت أبو مسلم على الإسلام فبعت إليه الأسور، فأتاه بنار عظيمة، ثم إنَّه ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضُرَّه، فقيل للأسود: إن لم تَنْفِ هذا عنك أفسد عليك من اتَّبعك. فأمره بالرحيل، فقدم المدينة فأناخ راحلته ودخل المسجد يُصليِّ، فبصُر به عمر رضي الله عنه، فقام إليه، فقال: ممَّن الرجل؟ قال: من اليمن. قال: ما فعل الذي حَرقُه الكذاب بالنار؟ قال: ذاك عبد الله بن ثوب. قال: نشدتك بالله، أنت هو؟ قال: اللهمَّ نعم: فاعتنقه عمر وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصِّدِّيق. فقال: الحمدلله الذي لم يُمتني حتَّى أراني في أمة محمد من صنع به كما بإبراهيم الخليل (?). وهذا التابعي الكبير كان من أهل الشام في عهد معاوية وقد تأثر به خلق كثير بها وكان رحمه الله كثير العبادة، فعن أبي العاتكة: قال: علَّق أبو مسلم سوْطا في المسجد (?)، فكان يقول: أنا أولى بالسَّوط من البهائم، فإذا فتر مَشَقَ (?)، ساقيه سوطا أو سوطين. وروى أنه كان يقول: لو رأيت الجنة عياناً أو النَّار عياناً ما كان عندي مستزاد (?)، وعن شرحييل، أن رجلين أتيا أبا مسلم، فلم يجداه في منزله، فأتيا المسجد، فوجداه يركع فانتظراه فأحصى أحداهما أنه ركع ثلاث مئة ركعة (?)،

وكان أبو مسلم، إذا استسقى سُقي (?)، وكان مستجاب الدعوة فعن محمد بن زياد، عن أبي مسلم، أن امرأة خَبَّبتَ (?)، عليه امرأته، فدعا عليها، فعميت، فأتته فأعرضت وتابت، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015