في تحقيق التوازن بين القبائل نتيجة لصراع البيت الأموي على السلطة أن فقدت الأداة التي قامت عليها واعتدت بها في إقرار سياستها وبسط شرعيتها على أقاليم الدولة، فكان أن أصبحت القبائل أداة بين الطامحين إلى السلطة ذلك أن القبائل التي اعتمدها الأمويون كقوة عسكرية لم تستطع إدراك الأهداف السياسية للحكم المركزي ولم تكن لها تقاليد سياسية تحدد علاقتها مع الحكومة، فاقتصرت هذه العلاقة على المصالح القبلية الضيقة، فإذا ما تعرضت هذه المصالح، فليس لها وهي التي تملك الأداة العسكرية سوى أسلوب التغيير المسلح، ونتيجة لتعارض المصالح القبلية التي احتوتها القوة العسكرية ودخولها في صراع على السلطة والامتيازات، فقد جرت الخلافة لأن تكون طرفاً في هذا الصراع خاصة بعد انقسام البيت الأموي وتنازع أفراده في الوصول إلى السلطة، فكان لميل الخليفة إلى إحدى كتل هذه القوى لتحقيق طموحه من خلالها أن تحول الخلفاء الأمويون من خلفاء تتجسد فيهم وحدة الأمة إلى رؤساء لتكتلات قبلية (?)، وأدى صراع القوة العسكرية على السلطة وانقسامها إلى كتلتين متنازعتين إلى حدوث فوضى سياسية وعسكرية في مركز الخلافة وزعزع كيانها، فعجزت عن ملاحقة الأحداث في أقاليمها فكان ذلك إيذانا بأفول الحكم الأموي (?)

وبهذا فقد الحكم الأموي مهابته وشرعيته بعد أن تفككت عري الرابطة القبلية الذي قام عليها، ونتيجة للنظرة القبلية الضيقة لبعض خلفاء بني أمية المتأخرين، لذا لم يستطع مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وهو الذي يمتلك القوة الوحيدة القادرة على إعادة الأمور إلى نصابها، أن يتجاوز هذه السياسة خاصة، وأنه قد وصل إلى السلطة بمساندة القبائل القيسية التي

بايعته (?).

وكان لاعتماد مروان على القبال التي ثارت بعد مقتل الوليد لاسترجاع سلطتها وامتيازاتها أن خلق حالة من العصيان والتمرد في صفوف قبائل اليمن أرغمت مروان بالدخول في حروب متعددة

معها - كما مّر معنا - إن القارئ الكريم لا يحتاج إلى الكثير من التفكير ليتبين له مدى تأثير القوة العسكرية للأمويين في سقوط حكمهم فالقوة العسكرية التي قام على أكتافها الحكم وعلى موالاتها قد تفككت عراها وانحلت روابطها بعد أن أظهر الخلفاء سياسة قبلية ضيقة اختصت فئة معينة. وقد حاول مروان بن محمد إنشاء جيش نظامي خارج القوات القبلية، وتأليف فرق نظامية تكون صلب الجيش وتحل محل فرق القبائل وحل القواد المحترفون محل رؤساء القبائل، إلا أن هذه المحاولة التي استهدفت الاستغناء عن النظام القبلي في بناء القوة العسكرية قد جاءت متأخرة وفي وقت. اضطربت فيه الأوضاع في أقاليم الدولة كافة ولم يعد من الممكن تغيير شيء، فقد أصابت العصبية كيان. اضطربت فيه الأوضاع في أقاليم الدولة كافة ولم يعد من الممكن تغيير شيء، فقد أصابت العصبية كيان الجند الأموي وأدت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015