وقعت بين أفراد البيت الأموي، فكانت من أكبر معاول الهدم وأسباب الضعف وتلاشي الدولة وقد استقرأ هذه الحقيقة ابن خلدون حيث ذكر أن من آثار الهرم في الدولة انقسامها وأن التنازع بين القرابة يقلص نطاقها كما يؤدي إلى قسمتها ثم اضمحلالها (?).

لقد بدأ الخلاف المؤثر في الأسرة الأموية مع تولي الوليد بن يزيد الخلافة، وخرجت بذلك من أبناء عبد الملك إلى أحفاده، فكان ذلك مما أثار الحسد بين أحفاد عبد الملك وكان أكثرهم نخساً أبناء الوليد بن عبد الملك، فكان للوليد بن عبد الملك تسعة عشر ولداً ذكراً وكان عمر بن الوليد يركب ويركب معه سبعون رجلاً لصلبه، ولذلك كان آل الوليد يكاثرون بعددهم بني مروان وكانوا يدلون بأبيهم أكبر أولاد عبد الملك (?)، فلما قام الوليد بن يزيد بالخلافة استعان بإخوانه وببعض بني عبد الملك بن مروان وببعض بني مروان في أمور وولايات الدولة ولم يستعمل أحداً من آل الوليد بن عبد الملك وجفاهم واشتد عليهم وعلى بعض بني عمه، ثم جعل الخلافة من بعده في ولديه الحكم وعثمان، فقام آل الوليد بن عبد الملك بالعمل ضده وكان رأسهم في هذا الوجه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ولما بلغ جمع يزيد عسكر الوليد دعوهم إلى الكتاب والسنة وجعل الأمر شورى، وأخذوا يستميلونهم بالمال والولايات وضعف أمر الوليد وقتل وكان قيام يزيد بقتل ابن عمه الوليد وجلوسه مجلسه في الخلافة قد وضع سلطان بني أمية في قفص الاتهام ورفع عنه أستار المهابة ودفع به إلى السقوط وهو ما كان بنو مروان يخشونه، فقد حذر العباس بن الوليد أخاه يزيد فقد كان مصيباً في تحذيره، وقال له: أخاف أن يكون بعض من حسدنا هذه النعمة من عدونا أراد أن يغري بيننا وتمثل مرة قائلاً:

لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم ... إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا

لا تبقرن بأيديكم بطونكم ... فثم لا حسرة تغني ولا جزع (?)

وصار لسان حالهم:

وساد الناقص القَدرَي فينا ... وألقى الحرب بين بني أبينا (?)

وبعد أن كانت الخلافة تؤخذ بعهد من الخليفة القائم، وبيعة الأمة أخذت هذه المرة بالقوة وتحركت في مروان بن محمد أمير الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان وقائد جيوش ثغورها أحاسيس الملك والسلطان وصار يرنوا بنظره إلى دمشق (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015