وولاتهم، ويوم مات تبع الناس كلهم جنازته، حتى لم يبق في المسجد من يصلي العصر (?)، وعلى كثرة من قتل الحجاج بن يوسف الثقفي من العرب والموالي في الثورات والفتن العديدة التي شهدتها ولايته على العراق لم يشتد استنكار الناس عليه في قتل أحد، كما اشتد عليه في قتله سعيد بن جبير وهو مولى، وذلك لمكانة سعيد عند الناس، مع أنه خرج ثائراً على الدولة مع ابن الأشعث (?).

إن الفكرة الشائعة عن بني أمية والتي أذاعها فون كريمر، وفان فلوتن، وبروان، ورددها كما هي جرجي زيدان وفيليب حتى ونقلها بعض المؤرخين المحدثين مثل حسن إبراهيم حسن، وعلي حسين الخربوطلي، وغيرهم وهي أن بني أمية كانوا متعصبين ضد الموالي وأنهم استغلوهم واضطهدوهم واحتقروهم وأنه كان من نتائج ذلك سخط الموالي الذي تولد عنه سقوط الدولة الأموية (?)، وهذا ليس على إطلاقه، فقد تبين أن هناك مجموعات من الموالي مع الأمويين وإنما كانت أعداد كبيرة من الموالي مثلهم مثل بقيت العرب المعارضين للحكم الأموي استطاعة الدعوة العباسية أن توظف هذه الشريحة من المجتمع الإسلامي وتقنعها بمبادائها وأهدافها فانضوت تحت لواء الدعوة العباسية وساهمت في القضاء على الدولة الأموية، فقد استغلت الدعوة العباسية كل الظروف واستفادة من جميع العناصر الناقمة على الدولة الأموية.

تاسعاً: فشل الأمويين في إيجاد تيار حضاري:

كان عمر بن عبد العزيز قد حاول - بإيمان صادق، وذكاء متميز سبقه إليه جده

عمر بن الخطاب - أن يوقف هذا الامتداد في الأرض حتى يواكبه امتداد في الدعوة، بحيث لا تطغى الأرض على الحضارة، ولا الدولة على الدعوة، ولا تصبح اعتبارات السياسة أهم مبادئ الدين، فقد عمل على إيجاد تيار حضاري عقدي يملأ أركان الحياة ومهما يكن من أمر فإن الدولة الأموية - في عمومها لم تستوعب قانون الامتداد الحضاري فبعد الامتداد (بالفتوحات)

كان عليها أن تمتد " بالدعوة " وإلا فقدت بالداخل للبقاء والتقدم (?) وفي عصري الانطلاق والازدهار أيام معاوية وعبد الملك والوليد وحتى هشام كان بريق الامتداد يبهر الأبصار ويوجه الطاقات ويقدم تبريرات البقاء، فلما أوشك هذان العصران على الانتهاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015