كان من سادة العلماء فيها: " سلمان بن بشار " مولى ميمونة بنت الحارث توفي سنة 103 هـ، ونافع مولى عمر، وربيعة الرأي وهو من شيوخ الإمام مالك، وفي مكة: مجاهد بن جبر، مولى قيس المخزومي توفي سنة 102 هـ وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح، وفي البصرة: الحسن البصري، وأبوه مولى زيد بن ثابت، وفي الشام: مكحول توفي سنة 118 هـ وفي مصر: يزيد بن حبيب " بربري " وهو شيخ الليث بن سعد وغيرهم كثير (?).
وهؤلاء هم عامة الموالي، وهؤلاء تحولوا إلى الإسلام بدون أن يعقدوا مع إحدى القبائل العربية عقد مولاه فبقي ولاؤهم للأمة كلها أي ينتسبون للأمة دون أن يكون هناك مؤسسة اجتماعية يمكن أن تحميهم أو تهيئ لهم الارتقاء في المؤسسات السياسية - كما قد يكون هؤلاء موالي لبعض القوى الاجتماعية التي تتحيز الدولة ضدها، كأن يكونوا موالي القيسية بينما قاعدة الدولة العصبوية تعتمد على اليمانية، وهنا فإن الموالي يعاملون كما تعاملهم قبائلهم، ... وبينما نعم العلماء بالاحترام فإن الطبقة الأولى من الموالي قد تعرضت لتقلبات السياسة بينما تعرضت الطبقة الأخيرة للمعاملة التمييزية التي تصل إلى حد الامتهان وقد أدت العصبية العربية ضد الموالي إلى رد فعل لديهم يؤكد ذاتهم في مواجهة تعصب العرب لبني جنسهم (?). وقد اتبع الموالي في خراسان الدعوة العباسية للتخلص من التمييز الاجتماعي والسياسي الذي مارسته ضدهم الدولة الأموية (?).
وفي الحقيقة لم تكن هناك سياسات عامة للدولة الأموية لاضطهادهم أو التعصب ضدهم ولم يكن هناك مجال من مجالات العمل موصد أمامهم، فقد رأينا الأمراء وقادة الجيوش والعلماء من الموالي والحق أن هذه النظرة المتعالية إلى الموالي، لم تكن نظرة كل العرب بل كانت نظرة بعض البدو الذين لم يفهموا الإسلام فهماً حقيقياً وربما كانت نظرة بعض الولاة، الذين كان يستفزهم عداء الموالي للدولة الأموية فصدر منهم ظلم وجور للموالي وللعرب من أعداء الدولة، ومن الظلم أن يحمل ذلك على أنه السياسة العامة للدولة الأموية (?)، وكما كان في الموالي من ارتفع به إيمانه فوق العصبية، والعنجهية القومية فقد كان الكثير من العرب من فهم الإسلام جيداً، وآمن بأنه يسوى بين جميع المسلمين، من عرب وعجم، وأيقن أن الرجل يشرف بدينه وعمله وخلقه، وليس بجنسه وعرقه، فأكرم الناس عند الله اتقاهم، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، فالحسن البصري وهو مولى كانت له منزلة كبيرة عند العرب وكلمة مسموعة حتى عند الدولة بل كان ينتقد علانية خلفاء بني أمية