الخوارج باستمرارية حركتهم لبعدهم عن منهج عمر بن عبد العزيز القائم على نشر العدل في الرعية والحوار معهم.

سابعاً: العصبية:

مارس العديد من خلفاء بني أمية الخطيئة القاتلة حيث أشعلوا نار العصبية القبلية وزادوا إضرامها بالتزام هذا الجانب القبلي أو ذاك، الأمر الذي فتت قاعدتهم في بلاد الشام نفسها وشطرها شطرين، أحدهما قيسي ينتمي إلى عرب الشمال، والآخر يمني ينتمي إلى عرب الجنوب، وقد سعى معاوية المؤسس مُنذ البدء إلى تلافي هذه المعضلة ونجح في ذلك إلى حد كبير، ولكن أعقابه وبخاصة السلالة المرونية التي تسلمت السلطة عام 64 هـ على يد مروان بن الحكم في أعقاب تلك المعركة القبلية العنيفة بين اليمانيين والقيسيين، والتي عرفت باسم مرج راهط، هذه الأسرة، مارس معظم خلفائها، سياسة قبلية واضحة أخذت تتصاعد يوماً بعد يوم، وامتدت تأثيراتها إلى كافة الأقاليم وإلى سائر مساحات الحياة الإدارية والسياسية والاقتصادية فكانت أحد العوامل الخطيرة في تدمير الوجود الأموي في نهاية الأمر ومنُذ وفاة هشام بن عبد الملك عام (125 هـ) وحتى سقوط الدولة الأموية عام (132 هـ) أخذت الأفعال وردود الأفعال القبلية تتصاعد وتزداد استشراء، وكانت من بين الثغرات العديدة التي نفذت منها الدعوة العباسية لتحقيق أهدافها، إنحاز الوليد بن يزيد بن عبد الملك (125 هـ - 126 هـ) إلى القيسية، وشّدد الخناق على اليمانية فثاروا عليه وحرضوا ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك على البيعة لنفسه وتمكنوا أخيراً من قتله وتحقيق هدفهم بمبايعة يزيد بن الوليد الذي ما لبث أن وجد نفسه مضطراً لإخماد فتنة القيسية في أماكن متعددة من الشام وفلسطين، كما اعتقل عدداً من قادتهم، فلما توفي في هذا العام نفسه تولى الخلافة من بعده أخوه إبراهيم، إلاَّ أن هذا لم يلبث في الحكم سوى أشهر معدودات إذ تحرك ضده مروان بن محمد بأنصاره القيسيين وتمكن من هزيمة قواته من اليمانيين قريباً من دمشق، الأمر الذي دفعهم إلى سلسلة من الأعمال الانتقامية ضد القيسيين في دمشق، لكن مروان ما لبث أن دخل دمشق وأخمد فتنتها، لكنه

لم يأمن على نفسه الإقامة فيها لكثرة اليمانية فانتقل إلى حّران (?)، إلا أن انتصار مروان لم يحسم معضلة الصراع بين القيسية واليمانية، بل زادها اشتعالاً، وما لبث نارها أن امتدت إلى كافة أنحاء الدولة، فثارت اليمانية في حمص والغوطة وفلسطين، وتمكن مروان من إخماد هذه الثورات الواحدة تلو الأخرى لكن بعد أن كلّفه ذلك غالياً. كما انتشرت الصراعات القبلّية في المغرب والأندلس، أما العراق فقد شهد الصراع نفسه بين الجماعتين لولا أن جدّ من استشرائه تفاقم أمر عدو مشترك هو الخوارج، وأما في خراسان فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015