البيت أنشق وتجزأت القوى التي كان يستند عليها فكان من وراء ذلك مجال واسع لخصومهم الذين هبت أعاصيرهم من المشرق، فأخمدت منهم الأنفس وجعلتهم أثراً بعد عين (?). إن نظام ولاية العهد على النحو الذي أحدثه معاوية رضي الله عنه والطريقة التي طوّر بها الأمويون هذا النظام، جعلت ضرره أكثر من نفعه ويكفي لبيان ذلك الإشارة للآتي: -

1 - شجع العصبية ودعمها، وقد نهى عنها الإسلام.

2 - إن هذا النظام قد سيطرت فيه عاطفة الأبوة والأقرب نسباً وقوة العصبية على عملية التولية بصفة عامة وقد أدى ذلك إلى الآتي:

أ- تقييد حق الأمة في اختيار الخليفة بحصره في أسرة معينة.

ب- تقييد مبدأ الشورى بحصره في أهل عصبية وشوكة الأسرة الحاكمة.

ج- دفعة المفضول إلى تولي الخلافة مع وجود الأفضل، بل وبمن افتقد بعض شروط الخلافة مع وجود المستجمعين لهذه الشروط وفقاً لما سلف ذكره.

د- وضع الخلفاء موضع تهمة وشبهة، كما أثار الشك - عند بعض الناس - حول مشروعية البيعة بولاية العهد، والبيعة بالخلافة.

3 - أدى إلى ظهور العداوة والبغضاء بين الأسر القرشية، وأيضاً بين أفراد البيت الحاكم، وذلك مما أدى في النهاية إلى ضمور قوتهم وزوال شوكتهم (?).

سادساً: الثورات ضد النظام الأموي:

1 - ثورة الحسين بن علي رضي الله عنه:

كانت ثورة الحسين بن علي رضي الله عنه ضد يزيد بن معاوية من أخطر الثورات ضد الأمويين، لا لأنه كان يقود جيشاً كبيراً يستطيع مع الأمل والرجاء أن يحطم كيان تلك الدولة، وإنما لأنه كان يمثل ضمير الأمة الراغبة في الاستمساك بحقها في منح السلطة لمن يستحقها من رجالها، ثم إن استشهاد الحسين رضي الله عنه كان عامل شحن عاطفي قوي ضد الأمويين أدت إلى حدوث الثورات الأخرى التي واجهها الأمويون باسم حركة التوابين مرة وباسم حركة المختار الثقفي مرة أخرى وكانت في النهاية إحدى المآسي التي حركت كوامن الغضب عند معارضي الدولة الأموية وقد استغلتها الدعاية العباسية في ضم الأنصار وترتيب صفوف الحركة وإذا كان صحيحاً أن الدولة الأموية فقدت وجودها بعد أن فقدت مقومات حياتها ومنها القوة والوحدة السياسية المعارضة للأمويين - كان لها دورها الكبير في تحطيم دولتهم، فإن ثورة الحسين تقف من ضمن المعالم البارزة التي أسهمت طول الزمن في القضاء على الأمويين ودولتهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015