المنكرات، وإنما اهتموا بالتنعم والترف والإنغماس في الشهوات والتطلع إلى الزعامة والحفاظ عليها والسعي لها وطلب أسباب العيش الهنيء (?)، وقد مضت سنة الله في المترفين الذين أبطرتهم النعمة وإبتعدو عن شرع الله بالهلاك والعذاب قال تعالى: " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين. فلما أحسُّوا بأسنا إذا هم منها يركضون. لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تُسئلون "

(الأنبياء، آية " 11 - 13) ومن سنة الله تعالى هلاك الأمة بفسق مترفيها، قال تعالى: " وإذا أردنا أن نُهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميراً " (الإسراء: 16).

وجاء في تفسيرها: وإذا دنا وقت هلاكها أمرنا بالطاعة مترفيها، أي: متنعميها وجباريها وملوكها ففسقوا فيها، فحق عليها القول فأهلكناها، وإنما خص الله تعالى المترفين بالذكر مع توجه الأمر بالطاعة إلى الجميع، لأنهم أئمة الفسق ورؤساء الضلال وما وقع من سوئهم، إنما وقع بإتباعهم وإغوائهم، فكان توجه الأمر إليهم آكد (?) ويقال: إن أمر بني أمية ما زال مستقيماً حتى أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين، فآثروا الشهوات، وأقبلوا على اللذات والدخول في المعاصي والتعرض لسخط الله، فسلبهم الله العز وسلبهم النعمة، ولما هرب أحد أمرائهم إلى أرض النوبة، سمع به ملك النوبة فجاءه وقعد على الأرض، ولم يقعد على فراشه، فقال له: ألا تقعد على فراشنا؟ فقال له النوبي. لا، فقال له: ولم؟ قال: لأني ملك، وحق على كل ملك أن يتواضع لأمر الله سبحانه، إذ رفعه ثم قال له: لم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم؟ ولم تطؤون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم؟ ولم تستعملون الذهب والفضة، وتلبسون الحرير والديباج، وهو محرم عليكم؟ فقال: له: انتصرنا بقوم من الأعاجم حين قل أنصارنا، ولنا عبيد وأتباع فعملوا ذلك على كره منا، فأطرق النوبي ملياً، ثم قال: ليس كما ذكرت بل أنتم قوم استحللتم ما حرم الله عليكم، وظلمتم فيما ملكتم فسلبكم العز بذنوبكم ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها وأخاف أن يصيبكم العذاب وأنتم ببلدي فيصيبني معكم، وإنما الضيافة ثلاث فتزودوا ما احتجتم إليه وارتحلوا عن بلدي (?)، ومن خلفاء بني أمية الذين ظهر فيهم الترف والميل إلى الدعة والاهتمام بالغواني يزيد بن عبد الملك، والوليد بن يزيد وقد سئل أحد أمراء بني أمية عن سبب زوال ملككم فقال: شُغلنا بلذّاتنا عن التفرغ لمهمّاتنا (?) ....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015