خيرات الدنيا لمن يطلبها ويجد فيها قال تعالى: " ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها " (آل عمران، آية: 145).
ولكن هناك من يريد الآخرة بحق، ويسعى لذلك فهو الفائز " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً، كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً "
(الإسراء، آية: 18) وقال تعالى: " وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يضعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون " (النحل، آية: 112). ولنستمع لهذه الدعوة الكريمة " ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين " (هود، آية: 52). وهناك آيات كثيرة تحاول قطع الطريق على بعض المتفلسفين من أهل الكتاب: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ... " (المائدة: 19).فكل إنسان وكل مجتمع وكل أمة مسؤولة عما يصدر عنها، ولا يتحمل أحد جريرة غيره (?) " تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عّما كانوا يعملون " (البقرة، آية: 134). والمهم أن الله تعالى لا يحجب نعمة عن أحد، بل يوزعها على المؤمن والكافر ثم يراقب تصرف الكل فيها، فمن طغى وظلم، ومن كفر بها واستعملها استعمالاً سيئاً فإن العقاب العادل سينزل به في الوقت المناسب، وقد يطول ذلك العهد، قبل نزول العقاب، ولكنه يكون في الطريق وبعد هذا وذلك فإنه: " لا يكلف الله نفساً إلاَّ وسعها ... " (البقرة، آية: 286). ومثل هذا في الأمم والمجتمعات وعلى مستوى الأفراد فإن الله خلق النفوس مُلهما أياها طريق الخير والشر (?)،
يقول تعالى: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "
(الشمس: آية: 7) وقال: " وهديناه النجدين ". ومن الملاحظ في دراسة أسباب سقوط الدول والحضارات بأنها لا تسقط بسبب واحد، كما لا تقوم بسبب واحد، بل تتجمع عدة أسباب لقيامها، وعدة أسباب لتدهورها وسقوطها، بعضها يعمل ببط، بينما يعمل البعض بسرعة أكبر .. ولا تسقط الدولة - أو الحضارة - لضربه واحدة بل يتظافر جملة من العوامل (?)، وهذا ما حدث للدولة الأموية التي زالت من الوجود في المشرق الإسلامي في عام 132 هـ وأهم هذه الأسباب في نظري: