لم يبق بعدهم ... إلا العظام البالية (?)

قال تعالى: " لقد كان في قصصهم عبرة لأُولى الألباب .. " (يوسف، آية: 111).

المبحث السادس: أسباب سقوط الدولة الأموية:

إن أسباب سقوط الدولة الأموية كثيرة، جامعها هو الابتعاد عن تحكيم شرع الله في الأمور السياسية والمالية، وقد وقع الظلم على الأفراد، وتورط بعض الخلفاء في الترف، وحدث بينهم نزاع عظيم أدى إلى زوالهم، فعندما يغيب شرع الله في أمور الحكم، كما حدث في السنوات الأخيرة من الدولة الأموية يجلب للأفراد والدولة تعاسة وضنكاً في الدنيا، وإن آثار الابتعاد عن شرع الله لتبدو على الحياة في وجهتها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإن الفتن تظل تتوالى وتترى على الناس حتى تمس جميع شؤون حياتهم (?)، قال تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " (النور، أية: 63).

لقد كان في ابتعاد أواخر خلفاء الدولة الأموية عن تحكيم الشرع آثار على أفراد البيت الأموي والدولة، فقد أصيبوا بالقلق والجزع والخوف والشقاق والخلاف ونزع منهم الأمن وأصبحوا في ضنك من الحياة، إن هلاك الأمم وسقوط الدول وزوال الحضارات لا يحدث عبثاً في حركة التاريخ، بل نتيجة لممارسة هذا الأسرة الحاكمة أو الدولة أو الأمة، الظلم والانحراف وبعد أن يعطوا الفرصة الكافية حتى تحق عليهم الكلمة، فيدفعوا ثمن انحرافهم وإجرامهم وطغيانهم وفسقهم والآيات صريحة في ذلك، فالله إذا أنعم على دولة نعمة أيا كانت فهو لا يسلبها حتى يكفر بها أصحابها (?) قال تعالى: " ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (الأنفال: 53). والآيات في هذا كثيرة، سواء ما يخص الفرد أو الأمة، بل إن القرآن الكريم ليذكر أن بعض ما يصيب الأمم والأفراد من استدراج حين يمهلهم الله تعالى وتواتيهم الدنيا، وتفتح عليها خيراتها، فينسوا مهمتهم وما خلقوا له بل ينسون المنعم جل جلاله وينسون ما عندهم لجهدهم، وذكائهم، وقد يفلسفون الأمر فيقولون، لو لم نكن نستحق هذه النعم لما مُنحت لنا وفي هؤلاء يقول تعالى: " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة، فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " (الأنعام: آية: 44)، لقد نسى هؤلاء أن الله يمنح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015