ولينصبوا الحرب إن القومَ قد نصبوا ... حربا يُحّرق في حافاتها الحطب

ما بالكم تَلْحِقون الحرب بينكم ... كأن أهل الحِجاَ عن فِعِلكم غُيُبُ (?)

وتتركون عدّواً قد أحاط بكم ... فيمن تأشَّبَ (?) لا دين ولا حسب

لا عرب مِثلُكُم في الناس تعرفهم ... ولا صريح موالٍ إن هم نُسِبُوا

من كان يسألني عن أصل دينهم ... فإن دينهم أن تهلك العرب

قوم يدينون ديناً ما سمعت به ... عن النبي ولا جاءت به الكتب

ويقسم الخُمس من أموالكم أُسَراً ... من العلوج ولا يبقى لكم نَشَبُ (?)

وينكحوا فيكم قسْراً بناتكم ... لو كان قومي أحراراً لقد غضبوا

ذروا التفرق والأحقاد واجتمعوا ... لِيُوصل الحبل والأصهار والنَّسَبُ (?)

إن تُبعدوا الأزده مِنّا لا نُقَّربها ... أو تدن نحمدهم يوماً إذا اقتربوا

أتخذِلُون إذا احتجنا وننصُرُهم ... لبئس والله ما ظنُّوا وما حسبوا (?)

ولكن الرَّبعية لم يعبأوا بنداءٍ نصر في أول الأمر ولم يبالوا بدعوته، ولم يكترثوا لتحذيره بل مضوا يتشبثون بمخالفتهم اليمانية، واستمروا يساندون ابن الكرماني ويعينونه، ويقاتلون المضريَّة مُعه، فعاد نصر إلى رمي أبي مسلم وشيعة بني العباس بالكفر وألحّ على القدح في عقيدته، ولحَّ في التشهير بغاياتهم، يريد أن يُبغضهم إلى الناس ويُكرهَّهم إليهم ويحملهم إلى الطعن فيهم، ويدفعهم إلى مكافحتهم، ويحمسهم على محاربتهم فجعل يقذفهم بأنهم وثنيُّون مشركون وأنهم يأمنون بالمانوّيه والمجوسيَّة وغيرهما من الملل الفارسية القديمة وراح يشيع في أصحابه أنهم يقصدون إلى نسف قواعد الإسلام، وهدم دعائمه وتحطيم أركانه وطمس معالمه واستئصال آثاره وأنهم يستهدفون لتقويض سلطان العرب وتمزيق قبائلهم، وقتل رجالهم واسترقاق أبنائهم وأسر بناتهم، ولم يزل يذيع ذلك فيهم ويزينه لهم (?). وقد تأثر الناس بدعاية نصر بن سيار. وبعث نصر إلى القراء والفقهاء والأتقياء الذين اعتزلوا الحرب، فجمعهم وقال لهم: إنكم كرهتم مشاهدتنا في حربنا هذه، وزعمتم أنها فتنة القاتل والمقتول فيها في النار، فلم نردد عليكم رأيكم في ذلك، وهذا حدث قد ظهر بحضرتكم. هذه المُسّوَّدَة، وهي تدعو إلى غير ملتنا وقد أظهروا غير سُنَّتنا وليسوا من أهل قبلتنا، يعبدون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015