عظيمة لمحاربة أبي مسلم وذلك بعد ظهوره بثمانية عشر شهراً، فأرسل أبو مسلم إليهم مالك بن الهيثم الخزاعي، فالتقوا هنالك فدعاهم مالك إلى الرّضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبوا ذلك فتصافوُّا من أول النهار إلى العصر،

ثم جاءه مدد فقوى مالك عليهم، واستظهر وظفر بهم، وكان هذا أول موقف اقتتل فيه دعاة بني العباس وجند بني أمية (?) .. ولما استفحل أمر أبي مسلم بخراسان تعاقدت طوائف من أحياء العرب الذين بها على حربه ومقاتلته، ولم يكره أمره الكرماني وشيبان، لأنهما خرجاً على نصر وهذا مخالف له وهو مع ذلك يدعو إلى خلع مروان بن محمد وقد طلب نصر من شيبان أن يكون معه على حرب أبي مسلم أو يكف عنه حتى يتفرغ لحربه، فإذا قتله وتفّرغ منه عاد عدواتهما، فبلغ ذلك أبا مسلم بعث إلى ابن الكرماني يعلمه بذلك، فثني ابن الكرماني شيبان عن ذلك الرأي، وبعث أبو مسلم إلى هَرَاة النضر بن نعُيم، فافتتحها وطرد عنها عاملها عيسى بن عقيل الليثي، واستحوذ على البلد وكتب إلى أبي مسلم بذلك، وجاء عاملها إلى نصر هارباً ثم إن شيبان وادع نصَر بن سيار سنة على ترك الحرب بينه وبينه وذلك عن كره من ابن الكرماني فبعث ابن الكرماني إلى أبي مسلم: إني معك على قتال نصر وركب أبو مسلم إلى خدمة (?) ابن الكرماني فنزل عنده واجتمعا، فاتفقا على حربه ومخالفته وتحّول أبو مسلم إلى موضع فسيح وكثر جنده وعظم جيشه واستعمل على الشرط والحرس والرّسائل والّديوان وغير ذلك مما يحتاج الملك إليه، وجعل القاسم بن مُجاشع التَّميميَّ - وكان أحدّ النقباء - على القضاء، وكان يُصلي بأبي مسلم الصَّلوات، ويقص بعد العصر، فيذكر محاسن بني هاشم ويذُمُّ بني أُمية. ثم تحول أبو مسلم فنزل بقرية يقال لها آلِينُ (?) وكان في مكان منخفض، فخشى أن يقطع عنه نصر ابن سيار الماء وذلك في سادس ذي الحجّة من هذه السنة، وصلَّى بهم يوم النَّحر القاضي بن مجاشع، وصار نصر بن سيار في جحافل قاصداً قتال أبي مسلم، واستخلف على البلاد نّواباً (?).

أ- طلب نصر بن سيار المدد من مروان بن محمد:

نشبت الحرب بين نصر بن سيار وبين الكرماني وهو جديع بن علي الكرماني، فقتل بينهما من الفرقين خلق كثير، وجعل أبو مسلم يُكاتب كُلاً من الطائفتين ويستميلهم إليه، يكتب إلى نصر وإلى الكرماني: إنّ الإمام قد أوصاني بكم خيراً، ولست أعدوُ رأيه فيكم. وكتب إلى الكور يدعو إلى بني العباس، فاستجاب له خلق كثير وجمُّ غفير، وأقبل أبو مسلم، فنزل بين خندق نصر بن سيار وخندق جديع الكرماني، فهابه الفريقان جميعاً وكتب نصرُ بن سيار إلى الخليفة مروان بن محمد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015